بقلم : الكاتبة سرى العبيدي ..
سفيرة الجمال والطفولة والثقافة الدولية ✍️
إنسانيتنا رغم ما يعتريها من النقص ، إلا أنها هي الأفضلية التي وهبنا الله تعالى ، فهي التقويم و القوام الذي ميزنا الله به ، فهي تحثنا ، و تعودنا على مواصلة المسير و الإلحاح على النجاح .
و رغم ما نخطئ فيه ، إلا أن كل خطأ يتبعه تصحيح و إعادة محاولة و تكرارها هي بمتابة مرحلة من مراحل التعلم و التطور و اكتساب التجربة كي نصلح من أمورنا ، فنتغير فيغير الله ما بنا إلى الخير ، و عندها ندرك أن الله ما خلقنا للعذاب بل خلقنا للرحمة ، ونتدارك أن الدور المنوط بنا هو العمران الأخوي و ليس الخلود الطيني .
مخطئون نحن عندما نتوق للملائكية ، و مخطئون أيضا عندما ننسى أننا اكتسبنا علومنا و معارفنا في الجنة قبل أن ينزلنا المولى إلى هذه الأرض للأستخلاف ، غير انه لا يجب أن ننسى انه سبحانه خلقنا في أحسن تقويم ، و وهبنا كل وسائل النجاح و كل أساليب التطور و ٱليات التغيير لتحقيق غاية الاستخلاف و عمارة الأرض بالخير و الصلاح ، و قد نتعثر تارة ونشد الخطى أخرى ، لكننا نبقى مكرمين بكرم الله و تكريمه و كرامته .
نعم بشريتنا ذاك السهل الممتنع الذي قد يرفعنا مقاما عليا أو يهوي بنا من على جرف هاري ، ففيها يجتمع التعاكس المندمج و تتمازج كل المتناقضات ، فنحن نقلق و نرضى ، نفرح و نحزن ، نذنب و نستغفر ، نخاصم و نغفر ونعاتب ، نبغض و نحب ، نتمنى الخير للجميع .
نعم ، ترضينا إبتسامة و يبكينا حزن ، نثور و نصفح ، و تبقى بشريتنا مصدر حسن قوامتنا و تقويمنا فلا نجعلها نقطة ضعف و هزيمة لنا .
إن حسن تقويمنا يكمن في تمازج العوالم كلها في بشريتنا ، فنحن مزيج من الطين و الروح و النفس ، مزيج من العواطف و المشاعر و الطموح و الامال و الٱلام التي تمزج الأديم الطيني بالسمو الروحي مع الرغبات النفسية ، فكم انت كريم يا الله ، و كم انت غريب أيها الإنسان .
نعم ، غريب انت أيها الإنسان بجوارحك و هواجسك ، غريب بطموحك و إلحاحك ، غريب بمشاعرك و عواطفك ، غريب في كل شئ فيك ، فلا تجعل طينيتك تجذبك إلى الأسفل ، فتكون اسفل السافلين ، بل ضع بصمتك و بصمة روحك بين الأنام و كن من الذين ٱمنوا و عملوا الصالحات .
أطلق العنان لسموك و تطلعاتك التي لاتعرف الغل ولا الكره ولا الحسد ، أكرم إنسانيتك التي لا تعرف الخيانة ولا المجاملة .
نعم إنسانيتك التي تختلي بربها فتتقوى بالإنكسار بين يديه ، فتتذلل كي تتدلل فتنعم كي تغنم ، و تنكسر كي تسمو ، هذه هي إنسانيتك الحقيقية التي تنتمي لعالم الجمال المولوي فتسمو بها رغبة في إرتقائك الفردوسي الذي أنت تنتمي إليه أصلا .
أنت أيها الإنسان صنع إلهي بديع و عجيب ، اجتمعت فيك كل الصفات المولوية ، انت القلب التقي النقي ، انت الشمس التي لا تغيب ، انت النفس الزكية المطمئنة الراضية المرضية ، فكن انت انت لا غيرك ايها الإنسان .
كن انت ايها القائد الفذ ، كن انت الحقيقة الجميلة و الرائعة بأخلاقك ، كن انت الجمال بروحك النقيه البهية و بمعدنك الصافي وجوهرك النظيف .
تعامل مع الناس بما أنت اهله ، ارويهم بروحك التواقة للخير المتقنة للعمل ، الواثقة في قدراتها و كفاءاتها ، تعامل معهم على أنهم جزء من قلبك ونبض فؤادك ، عاملهم على أنهم معين من روحك كي تسمو روحك في عالم الارواح ، فتصنع أثرك و تضع بصمتك بين كل الأشهاد .
صناعتك الإلاهية الإبداعية هي من رحمته بك و بكل العوالم ، فلتكن بصمتك الإبداعية إغتراف من إحساسك و مشاعرك و ابراز لحسن تقويمك و تكريمك المولوي .
اجعل كل من يلامسك أو يشافهك يقول هذه روح شخص أعرفه ، فتتٱلف الارواح فيما بينها ،
و تتناغم مهاراتك الابداعية المجنونة داخلك كي تجعل القلوب تهفو إليك ، و هي راغبة في الائتلاف ، و كي تتحرك القلوب بك و إليك ، و تحركها تلك البصمة و البسمة نحو عمل لايقوم به إلا الذين يمتلكون نفس المقومات المادية ، والبشرية التي اودعها الله فيك .
أيها الإنسان ، احذر و حاذر ، فهناك مزالق طاغية متكبرة داخل الفرد قد تجرفك نحو الهاوية ، و هي لا تتقبل الاحسان في العلاقات ، حسب معتقدات الآخرين ، هذه المزالق التي تطغى على البشر هي تلك الأنانيات مستعلية ، و الذهنيات الرعوية ، و أيضا تلك العادات الجارفة الخارفة المنحرفة ، التي تجرف صاحبها إلى واد سحيق ، فيحسب أنه يرى ما لا يراه غيره ، ويستصغر الأمور الجادة ، فيراها هينة مما يتوقعها الأخرون ،
اعلم ، أيها الإنسان ، أن لكل منا أمور شخصية مكنونة داخله دون غيره ، فيقدم أمهر ما لديه كي ينازل منافسيه ، و في ذلك فليتنافس المتنافسون ، ويقاتل من اجل نجاحه ، و لذلك فليعمل العاملون .
تلك المهارات التي تقدمها تختلف من شخص لٱخر بحسب نوع القناعات و الطموحات و كذلك التجليات .
احذر أيها الإنسان من استغلال عقلك و قلبك و مهاراتك ، فاستغلال العقول و القلوب لهو أشد وأعنف من إحتلال الاراضي على الاطلاق حيث يقدم المحتل المعنوي على سوء تدبير صاحب المهارات ، بل يقدم على تبدير تلك المهارات الجامحة بخطة تقضي على كل خصلة من خصلات النجاح ، ثم يعمل جاهدا لتخريب مواهب وطنه .
إن إحتلال العقول و القلوب يستمر لأجيال كثيرة ، ولذلك كان لزاما على أن نعي و ننبه أن إحتلال العقول أشد من إحتلال البلدان .
إن رؤية الامور العظيمة أنها تافهة و ليست أساسية هو ليس من الانسان عموما ، بل هو ذلك المحتل البغيض للعقول الذي غير فكره واستباح عقله واستوطن فكره ، فكانت النتيجه تغير المعادلة ” و ما كان الله مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ” .
اعلم أيها الإنسان ان رؤيتك لأمور عظيمة بأنها عظيمة إنما يدل على راجحة عقلك الناضج و قوة الوعي و على نقاء قلبك السليم و رجاحة فكرك الصافي و المنير ، إنك أيها الإنسان منار التغيير ، و سفينته و عقلك هو ساريته و دفته ، و قلبك هو مرساته ، و الفردوس هو ميناؤه و مرساه ، فثق بذاتك فأنت أعجب من عجيب و أغرب من غريب ، فطوبى للغرباء الذي يصلحون ما أفسده الخلق .
الكاتبة سرى العبيدي
طالبة دكتوراة
سفيرة الجمال والطفولة والثقافة العالمية ✍️