بقلم: سعد الأوسي ..
حين كان الموقنون على شفا حفرةٍ من الريب والخوف وقد مسّتهم البأساء و الضرّاء وزلزلوا،
وحين كان المتأرجحون مايزالون متأرجحين بين عنب الشام وبلح اليمن لا يَنصرون ولا يُنصرون
وحين كان المتفرجون الجالسون على التل من غربان السياسة و رعاع المصالح ينتظرون ان ينكشف خيط المعركة الابيض من الأسود عن ولي نعمة كي يلحسوا غبار اقدامه
وحين كان الاخوة الاعداء يشحذون خناجر حقدهم و ثاراتهم العمياء كي يستعيدوا وجه قابيل وهو يقطع عنق أخيه قرباناً لذواتهم المتجبرة بسُعار السلطة وشهوة الانتقام.
وحين اختلط الظنّ باليأس والشك بالخيانة واصبح الدم ماءً والعهود باطلات.
كنت اقف شبه مفرد وحيداً في صميم الايمان وعين اليقين، انظر الى الغد المنصور بعين ثابتة وقلب راسخ وضميرٍ مطمئنٍّ كأنني اسمع وارى ما سيكون،
كتبت يوم احتجبت الاقلام و انطوت الصحف، و صحت باعلى صوتي ناصراً و مجاهرا بالنصر المبين يوم طاشت الكفّة و زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر من وحشة الغيلة المتربصة بنا في ناصية كل شارع وحي ومدينة آناء الليل واطراف النهار.
قلت حينها ان الاطار التنسيقي سينتصر وان الزعيم المالكي هو ربان السفينة الذي سيصل بنا جميعاً الى برّ الامان، وانه البيرق الذي عليه تجتمع الصفوف وتتوحد الكلمة
وان الدولة لن تعود دولةً الاّ على يديه،
وانه اذا قال فعل واذا وعد وفّى واذا غضب اخاف واذا عزم انتصر ولو حاربته شياطين الارض والسماء،
كانت الايام ثقالاً والمواقف رجراجةً والرجال بين مدّ وجزر لا تُعرف لهم وجهة شرق من غرب ولا مدار من مسار.
وكان الزعيم المالكي ورفاقه وانصاره يديرون معركة مصير الدولة بمحض عزائمهم الموقنة بنصر الله وفتحه القريب، بينما كان الاخوة في الطرف الآخر عاقدين العزم على قطع الاعناق وقطع الارزاق و وأد الحلم الذي حفرنا طريقه بالادمع و الانفس الغاليات وهم يتكئون على قوى الغرب والشرق ويستعينون علينا باموال اهل الجزيرة التي لها بدء وليس لها منتهى.
وقد اخترت ان اكون في الضفة الحقّ التي قلّ فيها الناصر والمعين و تكاثرت عليها طعنات الظهر والغدر، لأنني كنت مؤمناً بالرجل الذي يقودنا ليس ايمان آملٍ او حالمٍ أو متمنٍّ موهوم، بل ايمان عارفٍ واثقٍ راءٍ بعين الكشف والحكمة لما سيكون.
لامني البعض
و نصحني بعضٌ آخر
و هددني وتوعدّني القوم الآخرون
ثم عادوا و منّوني باحلى الوعود والامنيات ان اترك او احيد او أغضّ بصري وبصيرتي عن نصرة هذا الرجل النبيل الامين مشروعه الرصين في اعادة هيبة الدولة وكينونتها التي ضاعت في السنوات الاخيرة بعد ان تلاعب بها الصبيان وتداولها الاحمق والتافه والبطران.
فعرفت حينها انني على الطريق الصواب والنهج المستقيم، لانني لولا كنت ذلك لما تهافتوا وتكالبوا وتآلبوا عليّ بكل هذا الاصرار لمجرد ان ابيع صاحبي او أعرض عنه صمتاً،
وبين الايمان والعناد والرهان على النصر الأكيد الذي كنت اراه قريبا ناجزا ويراه الآخرون بعيداً مستحيلاً كان موقفي يزداد صلابة وقلبي يزداد نوراً وطمأنينةً.
وحين جاءت نتائج الانتخابات بنصف توقعاتنا رغم انها كانت عامرة بنجاحات مبهرة قياساً الى ماكنا فيه من ظروف وتآمر حقيقي اسهمت فيه اجهزة حكومية فاعلة في املٍ خائبٍ لاقصائنا واكمال الصفحة الثانية من الخطة المحكمة التي طبخت في عواصم الحقد والمؤامرة لكسر شوكة تجربتنا وهدم اركان بيتنا العامر (ولبيبكم تكفيه الإشارة)،
وقف دولة الرئيس المالكي بكامل حكمته وحضوره وعزيمته وهيبة تأريخه السياسي ليتصدى هو وأخوته (الصادقون في العهد) الراسخون في الايمان لعاصفة الدم الحمراء التي كانت تلوح في الافق حين كانت موشكةً ان تحرق الاخضر واليابس وتطيح بأركان البلد بسبب اطماع بعض الحمقى الجهلة الذين صعدوا على كتف المفارقات والمصادفات وساعات حظنا السوداء.
اجل اقولها ملء الفم وباعلى مافي الصوت من صوت:
ان الزعيم المالكي هو الذي انقذ البلد من رياح الفوضى التي كانت تدمدم على اعتاب الدولة المنهارة المهترئة، حيث كان شعاره منذ البداية ( نعيدها دولة ).
حين كتبت مقالي الأول عن ضرورة الوقوف خلف الزعيم المالكي في الانتخابات يوم كان الكثيرون يلحسون احذية الحكومة الانتقالية ويمسحون التراب عن اكتافها، وحين كان الكلام عن دولة الرئيس المالكي اشبه مايكون بالمنشور السري الذي يودي بصاحبة الى مجاهل غضب (الآخرين)، قال لي مدير مكتبه الاعلامي وبحضور دولته شخصياً : لقد القيت حجرا كبيرا عليهم، وسيردون عليك بقوة، سوف تتلقى السهام وتتكاثر عليك النبال بسبب هذا المقال !!!
فقلت: لتكن الرماح والصفاح بدل السهام والنبال ، وهل يبالي من يراهن على مبادئه وقناعاته وايمانه او يخاف ؟؟؟
سيهاجمونني اولاً بزخم 80 بالمائة من احقادهم، وسأكتب مقالا ثانيا في ذات السياق فيعودون لمهاجمتي بزخم 60 بالمائة، فأكتب مقالا ثالثاً عنه ويهاجمون بزخم 40 بالمائة، ثم اكتب واقول واتحدى فيصمتون خائبين مذمومين مدحورين حين تغلبهم الارادة التي لا تلين والعزم الذي لن يستكين.
وها نحن الان بعد كل ذلك الخضم الصعب ، منصورين منتصرين عازمين متوكلين بعد ان وقفنا الوقفة الحق ورفعنا راية الحق وقلنا الكلمة الحق.
منصورين من الله الذي يعلم حيث يضع امانته، ونحن لها والقادم من الايام شاهد على ما سيفعله الرجال الفرسان حين يعبرون بالبلد من الخانق القاتل الذي كان فيه، و يجلبون الفساد من أذنيه الى ساحة القضاء العادل لينال جزاءه العادل وليعيدوا اموال الشعب المنهوبة وكرامة الوطن المسلوبة.
وان غدا لناظره قريب
ربما اقرب مما يظنه الفاسدون وينتظره العراقيون.
وكما قال الشاعر وهو يخاطب العراق العظيم :
وحقّك وهو أشدّ القسم
وباسمك وهو ذرى كلّ فمْ
لئن هزّت الريح ابوابنا
طرقنا عليها السماء بدمْ
وزلزلت الأرض صيحاتنا
نموتُ ويبقى العراقُ الأشمّْ