تشريح سريع :-هل محمد شياع =شاهبور بختيار ؟
بقلم : د. سمير عبيد ..
أولا: الرئيس محمد السوداني حال جلوسه في كرسي رئاسة الحكومة تنكّرَ لمعظم الذين وقفوا معه ودعموه ودافعوا عنه قبل التكليف وفي بداية شروعه بالمنصب ولاسباب مجهولة وذهب لينسج علاقات اثيرت حولها علامات الاستفهام . ( وحدث معي شخصياً عندما تنكر لي وللجهود التي بذلتها بنفسي داخليا وخارجيا وهو يعرفها .. ورغم هذا لن اكون ضده في هذا الوضع الحرج ) وسمعتها من العشرات من الإعلاميين والصحفيين وسياسيين والنخب الاكاديمية وغيرهم. وجميعنا اشتركنا بعبارة واحدة وهي ( لقد صُدمنا ولم نتوقع ان يكون السوداني بهذا الجفاء وعدم الوفاء) .والصدمة الكبرى عندما تبنى السيد السوداني استراتيجية القبلية وادخلها في تضاريس الحكم وأركانه . وبطبعي لا أجامل وأقول الحقيقة ليس من باب التشهير او التقزيم على الإطلاق. بل من باب نقد لسياسة وحقبة السوداني والتي كنا ولازلنا لا نتمناها منه. وهذا حقنا كمواطنين وصحفيين وسياسيين مستقلين ان ننتقد سياساته وقراراته كونه شخصية عامة .
ثانيا : الرئيس محمد السوداني قدم برنامجاً سياسيا كبيراً احتوى على وعود جبارة وشعار ( حكومة خدمات ) واول بند في برنامجه السياسي هو ( محاربة الفساد) ولكن وللأسف لم يكن وفيا في تطبيق ماوعد به في برنامجه السياسي.بل تغول الفساد وتضاعف في حقبة السوداني وترهلت المفاصل اكثر وأكثر . لا بل اصبحت الوزارات مستعمرات ” معظم الوزارات ” لان السوداني لم يتابع عمل الوزراء واعتكف على المجسرات الكونكريتية وفك الاختناقات وبميزانيات خيالية وانهمك بموضوع الولاية الثانية وشؤون حزبه وتحالفاته السرية . بحيث تراجعت حرية التعبير وكثرت الدعاوى والتكميم ضد الصحفيين والإعلاميين والناشطين وكثرت انتهاكات حقوق الإنسان والجريمة وغيرها وتفاقم الفساد والجريمة وكل هذا كان يُرصد من المجتمع الدولي .
ثالثا: حتى وصلت الأمور إلى الفضائح الكبيرة والخطيرة وآخرها ( فضيحة شبكة التجسس والتنصت) على النواب والسياسيين والصحفيين والمرجعية والقضاء وغيرهم. وهي فضيحة هزت العراق وسمعته دوليا واقليميا . مما سبب انعدام الثقة بالحكومة من قبل الشعب ومن قبل الذين شكلوا حكومة السوداني وهم الاطار التنسيقي وحلفائه .ومن قبل المجتمع الدولي .وبدأت الاسئلة واهمها ( حكومة تتجسس على شعبها وعلى السياسيين والنواب والصحفيين والقضاء … الخ هل تتوقع منها شفافية وانجازات وتنمية وبناء دولة ؟) !
رابعا :- فبدأت جدران صرح الاطار التنسيقي تتشقق وتتفطر وبدأ الصراخ والعويل وتبادل الاتهامات داخل الغرف المغلقة وخرج الصياح والصراخ إلى خارج الجدران . وهي نتيجة طبيعية جدا لفريق غير متجانس ،ومجموعات جمعتها السلطة والمصلحة وليس الوطنية ولا المحبة ولا الثقة بين الفرقاء داخل الاطار وداخل طبقة المتحالفين . وان فضيحة التجسس والتنصت ليست الاولى ولن تكون الاخيرة بل سبقتها فضيحة سرقة القرن وتداعياتها وهروب المتهم الاول نور زهير. وفضيحة التواطؤ من قبل القضاء المختص بالتحقيق في قضية سرقة القرن ونور زهير ، وفضيحة صرخة رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون .و فضيحة الاستثمارات الضخمة التي بنيت على المجاملات وبلا أوراق متكامله ، وفضيحة الأرقام المالية الضخمة التي دست في ميزانية الدولة، وغموض التوغل التركي في داخل محافظة دهوك، والتحالف السري الغامض مع قطر وتركيا والخنجر ( وسوف تتوالى الأزمات وجميعها مرتبطة بسيناريو التغيير القادم والذي يعتبرونه هم اخبار كاذبة – وبالضبط مثلما كان يقول نظام صدام حسين قبيل التغيير — ولكنه قادم وبنسبة 99٪ وليس له علاقة بالانتخابات الاميركية !)
خامسا:-هناك صقور داخل الاطار من مؤسسي هذه الحقبة السياسية المثيرة للجدل والتي سجّلت العراق عالميا بالدولة الفاشلة والدولة الفاسدة شعروا بالتغيير وشعروا بالاخطاء الجسيمة التي ارتكبتها حكومة السوداني فبدأت المساومات والضغوطات على السوداني ( ولكنها متأخرة جدا ) ويريدون تحميل السوداني المسؤولية ليكون كبش فداء لهم لكي ينجون هم من وجهة نظرهم القاصرة .
الخلاصة :
1-باتَ واضحاً التشابه بين الحكومة التي شكلها الشاه الإيراني قبل سقوط نظامه برئاسة شاهبور بختيار وحكومة السيد السوداني التي ولدت من رحم الفوضى وانتخابات مثيرة للجدل .وكان يعتقد الشاه الإيراني ان حكومة بختيار سوف تنقذه وتنفذ النظام الشاهنشاهي ومثلما اعتقدت القوى الخاسرة في الانتخابات في العراق ان حكومة السوداني وشخص السوداني هما قارب الإنقاذ والعبور .
2-وأثناء توليه منصبه الجديد اي شاهبور بختيار حاول أن يقوم ببعض الإصلاحات الداخلية ففكك “السافاك” (الشرطة السرية) وأطلق سراح المعتقلين السياسيين وأعطى ترخيصا للعديد من الصحف المعارضة( يعني بالضبط مثلما باتَ يطالب به صقور الاطار من السوداني اي تفكيك جهاز المخابرات وإخراجه من عشيرته ” السوداني” وغربلة مكاتب السوداني واخراج ” ابناء قبيلته السوداني من المناصب الحساسة بالدولة ” ) .
3-لكن كل جهود حكومة شاهبور بختيار توقفت بعد عودة الخميني من منفاه في فرنسا في الأول من فبراير/شباط 1979. فانهارت حكومة بختيار بسرعة بسبب الخلافات التي دبت بينه وبين قادة الثورة الإسلامية، فاختفى عن الأنظار اي شاهبور بختيار إلى أن استطاع الفرار إلى فرنسا في أبريل/نيسان 1979 وهناك أسس حركة المقاومة الوطنية في المنفى ولكنه مات في فرنسا عام 1991.
والسؤال : هل ان سيناريو التغيير القادم في العراق سينزل في بغداد مثلما نزل الخميني وانتهت حكومة شاهبور بختيار… وحينها ستنتهي حكومة السوداني والإطار؟ خصوصا وان الاطار لازال يتصرف بان الشعب العراقي أخري لا صوت له ولا رأي له …ولازال السوداني يرفض انتقاد ذاته وحكومته. وهذا ما اتضح في خطابه الأخير !
وسيبقى السؤال مفتوحا وينتظر الجواب!
سمير عبيد
9-9-2024