مهرجان كان الحلم الجميل المسيس.
بقلم : د. علي النشمي ..
يعد كان من أهم المرافق الثقافية لعشاق السينما حيث كان حلمي أن أذهب هناك وأرى تلك الافلام التي قرأت عنها في صباي واتلمس تلك المشاهد الرائعة للمخرجين العظام من كودار وروجية فاديم وكاستا كافراس وانتنيوني وروسلبني ودسيكا صناع السينما الواقعية الايطالية في الخمسيات والستينات وخصوصا فلم سارق الدراجات وروما مدينة مفتوحة والحياة الحلوة لفليني وغيرهم .
وقد تحقق حلمي مرتين في الذهاب هناك ومشاهدة بعض الأفلام الحلوة منها المخرج الاسباني كارلو ساورا واليابان اكيرو كوراساوا الذين حصلوا على بالما ديوغ اي السعة الذهبية.
وكنا نناقش بعض هذه الأفلام وكانت احاديثنا في ايام الشباب كنوع من التمرد عل ثقافة النظام السابق المتقوقعة حيث كان نادي السينما في السبعينات .
وكنا نعد مهرجان كان مهرجانا ديمقراطيا وليس عنصري حيث يكرم المخرجين من السنيكال والمكسيك وبولندا كما كانت افلام اليسار العالمي تعرض بدون تحفظ هوليودي مكارثي في الستينات .
وايضا كان مهرجان لقضايا العالم الثالث مثل العنصرية والتطرف والاستعمار.
ولكني تفاجأت امس بان المهرجان هذه السنة عبارة عن استعراض سياسي غربي حيث جاء زلنسكي رئيس اوكرانيا وألقى كلمة سياسية عن الحرب مع روسيا وتفاعل الجمهور معه بالتوافق مع سياسة الحكومة الفرنسية .
وهنا اذكر بان مهرجان كان كان قد أنشئ في عام ١٩٣٩ كرد فعل على وجود مهرجان البندقية في إيطاليا التي يسيطر عليها الفاشست من اتباع موسليني وذوي القمصان السوداء الكاربونيري وهي مليشيا الفاشست حيث كانت تعرض الافلام السياسية التي تمجد الفاشية في إيطاليا واالنازية في المانيا بقيادة هتلر وكان هذا المهرجان مرفوض من فرنسا وبريطانيا الذين يدعون دول ديمقراطية ومحاربة للتعصب والعنصرية.
لذلك تألمت امس كثيرا أن يسقط هذا المهرجان الحبيب على قلب كل مثقفي العالم في براثن الساسة الغربية.
وهنا اقول هل كان سيسمح مثلا لممثل الصحافة الفلسطينية أن يلقي كلمة عن اغتيال شرين ابو عاقلة وهو حدث أيضا مهم ورافق المهرجان. لماذا هذا المهرجان لم يتدخل في قضايا سياسية سابقة تخدم الشعوب إلا من خلال الفلم اي كانت الافلام تعبر عن الصراع الطبقي او مناهضة الاستعمار لماذا اصبح الموضوع الآن تمثيل سياسي بدون فن لماذا لم تشارك اوكرانيا او دول أخرى متضامنة معها بأفلام تعبر عن الحرب ضد اوكرانيا فإن الموضوع سيكون طبيعي جدا كما حصل مع افلام فيتنام او نكاراكوا او غيرها من دول العالم .
اعتقد ان اللعبة تغيرت في الساحة الديمقراطية الأوربية بسبب شراسة الهيمنة الأمريكية على اوربا والجديد هو الساحة الثقافية.
د علي النشمي