بلاويكم نيوز

أزمة محلية وعالمية: جفاف الانهار وتداعياتها الملاحية

0

بقلم: كاظم فنجان الحمامي ..

بداية نذكر ان الملاحة النهرية في العراق توقفت، بين بغداد والبصرة في نهر دجلة، بشكل متسارع منذ سبعينيات القرن الماضي، وذلك بسبب الانخفاضات الحادة في مناسيب المياه، حتى صار بإمكان عامة الناس عبور النهر الآن بين الكرخ والرصافة سيراً على الاقدام في بعض المناطق التي شهدت تراكمات هائلة في الأطيان، بينما تسببت عوامل أخرى (طبيعية وسياسية) في تردي أعماق شط العرب، وتعطل الموانئ العراقية (المعقل وابو فلوس والفاو)، والموانئ الإيرانية (عبادان وخرمشهر وخسروآباد)، واقتصرت الملاحة هناك منذ عام 1989 على السفن الصغيرة التي لا يزيد غاطسها على خمسة أمتار. ولا تزيد حمولتها الاجمالية على 2000 طن، حيث وصلت أعماق المصب في دلتا شط العرب (السد الخارجي) إلى أقل من مترين في الجزر الأدنى. .
ويبدو ان الظروف التي تسببت في تراجع الملاحة النهرية في العراق انتقلت إلى أوروبا، وصار بامكان الناس عبور نهر اللوار (Loire) سيراً على الأقدام، وفقد أطول نهر في فرنسا حصته المائية، وأصبح نهر الراين (Rhine) غير قادر على استيعاب الصنادل والمواعين. وانخفضت الاعماق في أنهار إيطاليا إلى مترين فقط، فتسببت بتعطيل الملاحة النهرية، واصيب نهر الدانوب (Danube) بالجفاف عند مروره بصربيا، وعصفت هذه الظاهرة بمعظم الأنهار الأوروبية، وكان لها الكثير من العواقب الوخيمة على الصناعة والشحن والطاقة وإنتاج الغذاء، ونقص الإمدادات وارتفاع الأسعار، حيث تزامنت مع الحرب المتفجرة في أوكرانيا. .
فبسبب هذا الانهيار المناخي، والجفاف الذي رافق فصل الشتاء والربيع بشكل غير معتاد، ودرجات الحرارة القياسية في الصيف، وموجات الحر المتكررة، مع عدم تسجيل هطول أمطار غزيرة لمدة شهرين تقريباً، في غرب ووسط وجنوب أوروبا، وعدم توقع أي تحسن في المستقبل القريب، كان من الطبيعي ان تكون لها تداعياتها السلبية، التي تمثلت بتردي أحوال الممرات المائية في عموم البلدان الأوروبية. .
يقول خبراء الأرصاد الجوية: إن الجفاف قد يصبح الأسوأ في القارة العجوز منذ أكثر من 500 عام. .
وقال المعهد الفيدرالي الألماني للهيدرولوجيا (BfG) إن مستوى نهر الراين، الذي تُستخدم مياهه في نقل البضائع والري، والتصنيع وتوليد الطاقة، وتحلية مياه الشرب، سيستمر في الانخفاض. حيث هبطت المياه بشكل ملحوظ عند نقطة Kaub الحرجة، التي تقع على بعد 50 كيلومتراً في إتجاه مجرى النهر من ماينز (Mainz)، وسجلت الاعماق انخفاضاً حادا وصل إلى أقل من 40 سم، وهو المستوى الذي تعتبره العديد من شركات الشحن النهري غير مجدٍ اقتصادياً لتشغيل الصنادل والمواعين، وقالت BfG إنه قد ينخفض إلى ما يقرب من 30 سم تحت وطأة هذه الظروف المناخية المتدهورة. .
فعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر ان العديد من الصنادل، التي كانت تنقل الفحم لمحطات الطاقة، وتنقل المواد الأولية للمصانع العملاقة، مثل شركة صناعة الصلب Thyssen، وشركة BASF للصناعات الكيميائية، صارت تعمل بحوالي 25 % من طاقتها، وذلك بسبب اضطرارها لتقليل غاطسها، ما أدى الى ارتفاع تكاليف الشحن إلى خمسة أضعاف. .
ختاماً: نذكر ان الممر الملاحي المتعرج، الذي يبلغ طوله 1،233 كيلومتراً، إبتداءً من نهر الراين في سويسرا، مروراً بقلب ألمانيا، وانتهاءً بميناء روتردام العملاق. أصبح مهدداً بالتوقف التام. .
وللحديث بقية. .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط