بقلم: سرى العبيدي ..
طالبة دراسات عليا دكتوراة سفيرة الجمال والطفوله والابداع الدولي ✍️
يقصد بهذا الدليل اتجاه الإنسان نحو التدين ، وهو اتجاه تكويني ذاتي ، وجد مع الإنسان منذ بداية وجوده على هذه الأرض ، فهذا الاتجاه يفسر قوة الدفع الأصيلة والنزوع الذاتي ، في تكوين الإنسان نحو التعبد والتقديس والشعور بالهيمنة الكبرى في هذا الوجود ، والنزوع إلى الانضواء ، والاتجاه نحو مقدس عظيم ، يعبر الإنسان عن شعوره ، وأحاسيسه التعبدية نحوه … هذه الاحاسيس التي ماتلبث أن تنمو وتتحول في نفس الإنسان إلى تصور لوجود هذه الحقيقة المطلقة الكبرى تصورا يصاحبه شوق البحث عن هذه الحقيقة وقدرتها على ملء كل ابعاد الفراغ ، وأحاسيس النقص في نفسه ، واستعلائها على إبعاد العالم وأطره التي ينزع إلى اجتيازها ، وتخليد وجوده فيما بعدها … فهذا العالم لايستطيع أن يخاطب جانب الإمتداد المطلق في نفس الإنسان ، أو يكون بديلا عن تلك الحقيقة التي تتجه إليها ذاته ، لذلك فهو ينزع دوما بالاتجاه إلى حقيقة أسمى من هذا العالم المحسوس ، ويشعر بقدرة تلك الحقيقة على ملء هذا الإحساس الفطري الذي يلح عليه بوعي وبدون وعي منه .
وهذا الشعور الفطري هو شعور موضوعي صادق ، لانه نزوع غريزي طبيعي .
ويؤيد وجود هذا النزوع الغريزي في ذات الإنسان حقائق موضوعية ثلاث ، هي :
أ- التفكير المطلق المجرد من الزمان والمكان ومن صفات العالم المحسوس.
پ- نزوع الإنسان إلى تقديس الكامل المطلق ، ومحاولة الانضواء تحت عظمته ، والتصاغر أمامه .
ج- الإحساس بالنقص ، وتصور فكرة الكمال ، والبحث عنها ، والرغبة في الاتجاه إليها .
فكل تلك الأحاسيس حقائق علمية أيدتها الأبحاث ، والدراسات النفسية ، كما تؤيدها الحقائق الوجدانية ، والالفاظ اللغوية التي وضعها الإنسان للتعبير عن هذه المعاني والأحاسيس الفطرية .
ومتى ما عرفنا أن التدين قوة فطرية متأصلة في ذات الإنسان ، عرفنا أيضا أن نزوع الإنسان الديني حقيقة وليس أسطورة ولا خرافة ، لان التكوين الفطري لا يعرف الخرافة ، ولايفهم معنى الأسطورة ، شأن الإنسان في ذلك شأنه في سائر الغرائز ، واتجاهات النفس الإنسانية…..
كغريزة المعرفة والجنس والطعام …الخ …
أما الجانب الاسطوري والخرافة في حياة الشعوب الذي نشاهده في أشكال التعبير والممارسات التدينية الشاذة ، فإنه يظهر حينما يعايش الإنسان حالة من الضياع والضلال عن المعبود الحق ، فينشط خيال الإنسان لنسج صورة الدين ، وفكرة الألوهية على الطريقة الجاهلية الضالة .
وقد شهد القران بهذه الحقيقة….التدين الفطري … وأيدها بقوله 🙁 حنفاء غير مشركين ) ، والحنيفية من الفطرة التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ، وفطرهم على المعرفة به ….