سالفة الإستفتاءات والتكريم الماسخة
بقلم: هادي جلو مرعي ..
تنويه ..
أخشى أن يأتي اليوم الذي نقوم فيه بإقامة مهرجانات تكربم المجرمين والقتلة والحرامية وتجار المخدرات وبنات الملاهي الليلية وبائعي الخمور تحت عنوان.
أفضل تاجر مخدرات
أفضل راقصة
أفضل قواد وقوادة
أفضل نصاب
أفضل حرامي
أفضل سرقة
افضل قاتل
أفضل مبتز
افضل مروج للإلحاد
أفضل مروج للمثلية الجنسية
أفضل عميل للخارج
منذ أسابيع، ورسائل الواتساب تأتيني بطلبات من أعزاء للتصويت لهم في إستفتاء لوكالة أنباء، أو مركز دراسات، أو جريدة، أو مجلة كأفضل صحفي، كأفضل كاتب عمود، كأفضل محلل سياسي، كأفضل خبير أمني، كأفضل مخرج،كأفضل فنان،كأفضل رياضي، كأفضل علاقات عامة، كأفضل مقدمة، أو مقدم مقدم برامج، كأفضل مذيعة، أو مذيع أخبار، كأفضل قناة فضائية، كأفضل إذاعة، كأفضل سياسي، كأفضل شخصية للعام الذي ينصرم، وهي عادة سنوية في بلد مضطرب تاهت فيه الحسبة بعد أن (ضرط الوزان) لاوفقه الله.
هذه اللعبة تذكرني بحادثة طريفة لمجموعة من الكلاوجية والشقندحية الذين أرادوا قشمرة مسؤول (ماشايف وشاف وإخترع) فعمدوا الى إبريق من النحاس إبتاعوه من سوق الصفافير ببغداد، وقاموا بتذويبه، وعملوا منه درعا للإبداع، ونقشوا إسم المسؤول التحفة عليه، وتوجهوا الى محافظة بعيدة، وأقاموا حفلا لتكريم المسؤول الذي منحهم مبالغ مالية، وقال لي أحدهم إن فلانا الذي كان معه في الوفد لفط المبلغ الخاص به، وأتذكر إن وكالة أنباء بعثت لي ولأحد اساتذة الإعلام المعروفين درعين للإبداع، وإكتشفنا إنهم ألصقوا ورقة شفافة عليها إسم الأستاذ الذي إنتزعها بأظفاره فوجد ورقة أسفلها، مكتوب عليها إسم شخص آخر يبدو إنه لم يحضر حفل التكريم.
لاتعتمد تلك الإستفتاءات على معايير واضحة، وتقوم على المحسوبية والعلاقات البينية، ولايتم أخذ موافقة الشخصيات التي تطرح للإستفتاء خاصة وإن الأمر يعتمد على الترويج، وليس الإبداع، وعلى الدعاية والحصول على أموال من جهات، أو أشخاص والمكرمون في الغالب لايستحقون التكريم، أو إنهم يستحقونه لكنهم ليسو بأفضل من غيرهم، والصحيح في حال التكريم أن لايتم بهذه الطريقة، بل من خلال إختيار شخصيات قدمت بالفعل عطاءا ثرا، وتبليغهم إنهم مكرمون مقابل منجز حقيقي في مجال عملهم. وأما تكريم الأفضل ففيه تجن كبير.
فأفضل محلل سياسي غير صحيح فلايوجد عندنا مايسمى التحليل، بل هو التعليق على الأحداث، ونقول خلال إستضافة أحدهم: معنا للتعليق على الاحداث الإعلامي، أو الصحفي، أو الكاتب أو عضو مركز أو عضو هيئة أو نقابة، وأما الخبير الأمني ففي الواقع لاتتوفر عناصر الخبرة الأمنية لمن يتحدثون، وهم في الواقع يعلقون وأغلبهم غلبتهم النرجسية العالية وجعلتهم يتوهمون أنهم فوق الكل ولايرضيهم شيء، وأما افضل علاقات في وسائل الإعلام، فهو غير دقيق لأن كل موظف علاقات يعمل في وسيلة إعلام ممولة من حزب أو طائفة أو حوت كبير وتمثل توجها سياسيا، واغلب موظفي العلاقات مجدون في عملهم، والأجدر تكريمهم من مؤسساتهم، وليس دفعهم لإستجداء التصويت حتى من ربات المنازل والناس العاديين الذين لاعلم لهم بمايجري في وسائل الإعلام، وهذا ينسحب على الفنانين والكتاب والصحفيين والرياضيين والشخصيات الأكاديمية الذين يمثلون شرائح مجتمعية كبيرة، وهم يملكون خبرات وكفاءة ومعرفة وقد تجاوزنا مرحلة التكريم لفرط مالدينا من مبدعين ومجدين ومكافحين، ولذلك فالأولى أن يترك البعض هذه الكلاوات والمسرحيات لأننا في زمن تحول، ولدينا أطفال صغار في المجتمع هم أكثر إبداعا من أي سياسي ساهم بخراب وفساد البلاد.