هؤلاء تجاهلوا مواقف البصرة وتكبروا عليها
بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
بداية. وقبل الخوض في هذا الموضوع ، لابد من التأكيد على عمق العلاقات الاخوية الحميمة التي جمعت أبناء نجد وأبناء البصرة على صعيد واحد منذ بداية الهجرة من نجد والحجاز إلى ولاية البصرة التي كانت حدودها تمتد قبل 100 سنة من مدينة واسط إلى رأس مسندم في سلطنة عمان، وتشمل الساحل الغربي لحوض الخليج العربي من شماله إلى جنوبه، ومن ينظر الآن إلى خارطة ولاية البصرة لعام 1916 يشعر بعظمة هذه الولاية التي فتحت قلبها لكل النازحين إليها من نجد قبل تأسيس المملكة العربية السعودية. .
وهذا يعني ان هجرة القبائل النجدية إلى البصرة كانت هجرة داخلية ضمن حدود الولاية هرباً من بطش العصابات التي امتهنت الغزو والنهب والسلب والقتل العمد من اجل الفوز بالغنائم. حيث كان فيصل الدويش وابن حثلين يقطعان طريق القوافل البدوية باسم (حركة الاخوان) الامر الذي اضطر الملك عبد العزيز إلى إلقاء القبض عليهما وزجهما في السجن عام 1930. .
ولزيادة الاطلاع ننصح بمراجعة كتاب (ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها): تأليف الكسندر أداموف، وترجمة هاشم صالح التكريتي. أو مراجعة كتاب (دور البصرة التجاري في الخليج العربي: 1869 – 1914) للدكتور حسين محمد قهواتي. . .
قبل بضعة أيام وبينما كنت اتحدث عن تجاهل قناة mbc لدور البصرة التاريخي في توسع مدينة الزبير، تلقيت رسالة على الفيسبوك من مواطن سعودي (سلمان الشهري) يسيء فيها إلى العراق وأهله، ويلغي دور البصرة واهلها في دعم الوافدين إليها من نجد، تماماً على السياق الذي سارت عليه قناة mbc في تجاهل دور البصرة التاريخي. .
واستكمالا لمقالتنا السابقة حول هذا الموضوع، نقول: بدلاً من ان تشتمون العراقيين وتسيئون إليهم، وبدلاً من لغة التجريح، كان من المفترض ان تكتفوا بالصمت، وهذا أضعف الإيمان . فالبصرة التي فتحت قلبها لكل الهجرات البشرية، والتي تعاملت معهم بكل المعايير الإنسانية، والتي كانت خيراتها ومرافئها سببا في انتعاش أحوال الذين ارتموا في احضانها، صارت بعد عام 2003 مسرحاً للعبوات الناسفة، وساحة مفتوحة للمفخخات والأحزمة الناسفة. وبعد ان كانت البصرة تتصدى بكل حزم لغارات فيصل الدويش وشرذمته، صارت تتلقى الطعنات من أحفاده ومن سار على نهجه. فقد كان المتأسلفون يدفعون أصحاب العقول المشفرة والقلوب المتحجرة لتفجير أنفسهم في أسواق البصرة التي قدمت لهم الخير فقابلوها بالشر. .
ختاماً نقول: لا نريد منكم أن تشكرونا، ولكن لا تشتمونا. ولا تتنكروا لمواقفنا الأخوية، ولا تتكبروا علينا، فالبصرة خزانة العرب وعين الدنيا. .