غاز المتوسط وسيناريوهات الحرب والسلام
بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
لسنا مجانين إذا قلنا ان اكتشاف الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط سيرسم صورة غير واضحة الملامح لمستقبل البلدان المحيطة بالمنطقة، وهي: (تركيا واليونان وقبرص واسرائيل ولبنان وسوريا ومصر والاردن)، آخذين بعين الاعتبار ان تلك المنطقة شهدت نزاعات مسلحة ومواقف سياسية متشنجة، تمخضت معظمها عن إبرام اتفاقيات هشه، ووعود كاذبة بصادرات كبيرة من الغاز إلى أوروبا. ثم تغيرت الرياح مع انهيار خطط الاتحاد الأوروبي لإنشاء خط أنابيب لنقل الغاز، وأصبحت الفرص مؤاتية لإعادة تفعيل دبلوماسية الغاز. فارتكز تفكير الحكومات على الأسواق والتنسيق الإقليمي، واعتماد نهج شامل لتعزيز الاستقرار، ومواصلة التحرك نحو الاستغلال الامثل للطاقة. فقادت الولايات المتحدة دبلوماسية الغاز لدفع صفقات منفصلة بين إسرائيل والأردن. وإسرائيل ومصر. وإسرائيل ولبنان. وأعربت عن أملها في أن تؤدي الإجراءات الاقتصادية بشأن صادرات الغاز إلى تحفيز اللاعبين الإقليميين على تحقيق اختراقات كفيلة بحل النزاعات في الأمور غير المتعلقة بالطاقة. وأضافت الصفقات بين إسرائيل من جهة، ومصر والأردن من جهة أخرى بعداً جديداً للمفاوضات الثنائية، لكنها ظلت معلقة، ولم تفعل شيئاً يذكر لتسخين السلام البارد، ولم تظهر اتفاقيات الحدود البحرية أي إشارة حقيقية للتغلب على عقود من الصراع حول ملكية الحقول. .
وأدى ظهور الغاز في أماكن أخرى من حوض شرق البحر الأبيض المتوسط ، إلى نتائج واعدة لكنها ضئيلة، وبالفعل أدت اكتشافات الطاقة إلى تفاقم التوترات أكثر من تخفيفها على خلفية فشل الجهود الدبلوماسية، ولم تفعل الاكتشافات قبالة سواحل قبرص شيئاً للجمع بين القبارصة اليونانيين والأتراك. وربما كانت من بواعث الاحتكاك الإضافي في الجزيرة المقسمة. في حين لا يزال حقل غاز غزة البحري، الذي اكتشفته شركة بريتش غاز قبالة سواحلها في 1999-2000 يتعذر الوصول إليه بسبب المضايقات الإسرائيلية، ولم يقدم أي دعم ايجابي لغزة الواقعة تحت الحصار الخانق. .
وعلى وجه العموم تشير الاحتمالات إلى زيادة التعاون في استغلال الغاز وتصديره، والتي ربما تمهد الطريق لعلاقات أوثق بين بلدان المنطقة نحو استقرار إقليمي أكبر، وخلق بعض الإثارة حول إقرار قواعد جديدة بدعم من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وذلك من خلال تعميق التواصل بين جمهورية قبرص والأردن والسلطة الفلسطينية واليونان وإيطاليا وفرنسا. وتوسيع التعاون الإقليمي في مسائل الطاقة، والقضايا المتعلقة بالغاز بما في ذلك تركيا ولبنان وسلطات الأمر الواقع القبرصية التركية التي تسيطر على الأراضي في شمال قبرص، وحماس (الفصيل الفلسطيني الذي يحكم قطاع غزة). .
وهنالك آمال متوقعة في أن تساعد اكتشافات الغاز بتعميق الروابط بين دول المنطقة والحكومات الأوروبية الحريصة على تنوع الامدادات، وبخاصة بعد توتر العلاقات مع روسيا. .
وللحديث بقية. .