استبعدوه لأنه من خارج السيستم
بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
كلهم يعرفونه، وكلهم قرأوا مؤلفاته، وتابعوا نشاطاته، وكانوا يدركون انه أول من بدأ حملته الوطنية للذود عن حدود العراق في النهر والبحر. لكنهم تربصوا به، وشوهوا صورته، وتعمدوا الإساءة إليه، وكانوا يتحاملون عليها كلما كتب مقالة عن حقوقنا الضائعة في شط العرب أو في خور عبدالله. وتضامنوا مع القوى السياسية التي كانت تقود ضده حملات التشويه والتسقيط، كان معظم المنتقدين والمحبطين ينتسبون إلى الوسط البحري، من الذين عملوا معه في الموانئ، ومن بقية المؤسسات البحرية. .
اللافت للنظر انه كلما حذرهم من الخروقات والانتهاكات الحدودية المتكررة تأتيه طعناتهم دونما سبب، وأحيانا يطلقون عليه الاتهامات جزافاً كلما عاد إلى الموضوع نفسه. فيحاصرونه بمضخاتهم الإعلامية الممولة والمدعومة والموجهة. ذلك لأنه كان يقرأ مزاميره خارج خيمة السيرك السياسي. كان مستقلاً بذهنه وعقله. لا ينتمي إلى أحد. غير محسوب على جهة متنفذة. وليس له من يسانده ويعاضده ويدعمه ويحميه. يعمل خارج السيستم، أي انه كان: (non-systematic)، فأصبح هدفاً لمعظمهم حتى عندما استلم حقيبته الوزارية لمدة 720 يوماً فقط. وحتى عندما صار نائباً لمدة 720 يوماً فقط. ثم غادر المواقع الأمامية مخذولاً من دون أن تشفع له أيامه الـ 1440 التي امضاها متنقلا بين السلطات التنفيذية والتشريعية والرقابية. وقع بعدها بين حانة ومانة. فإذا تحدث عن حقوقنا وقفوا كلهم ضده. ثم يلوذون بالصمت المطبق بلا حراك، وبلا انفعالات وبخاصة عندما يتوقف مؤقتا عن الحديث. .
أجرى مئات المقابلات التلفزيونية، وشارك في عشرات المؤتمرات العلمية في الجامعات والهيئات الحكومية. وكان خير عون لمعظم طلاب الدراسات العليا الذين تناولوا المواضيع المرتبطة بحقوقنا السيادية. .
هو الذي كتب مسودة قانون الموانئ العراقية رقم ( 21 ) لسنة 1995، وهو الذي كتب مسودة تعليمات الموانئ رقم ( 1 ) لسنة 1998. وهو الذي كتب مسودة قانون الهيئة البحرية العليا رقم ( 18 ) لسنة 2019. وهو الذي دافع عن السلطة البحرية العراقية في مجلس الوزراء وتحت قبة البرلمان. لكنهم وحدوا صفوفهم لإجهاض مشاريعه المستقبلية، بذريعة أن الذي يطالب بها جاءهم من خارج السيستم. .
لسنا بحاجة إلى ذكر اسمه، وليس هذا بيت القصيد، لكننا نتحدث بهذه اللغة المشوبة بالحزن والألم حتى يعلم القاصي والداني بأن الذئب لم يأكل ليلى رغما عنها، وان جدتها المصابة بالضمور الوطني هي التي تركت أبواب الحقل مفتوحة لكل الذئاب والضباع والواوية . .
لقد اسكتوا هذا الخبير لأنه لا ينتمي إليهم، واسكتوا الدكتور جمال الحلبوسي. ثم تجاهلوا أصوات خبراء وخبيرات وزارة الخارجية. ذلك لأنهم غير مرتبطين بالسيستم. .
اما ذلك الانتهازي الذي امتطى صهوة بغال التكسب وجمح بها نحو البرلمان، فقد صلى وصام لأمر كان يطلبه فلما انقضى الأمر لا صلى ولا صاما. .
اللهم احفظ العراق وأهله. .