كيف اختفت الرياضة المدرسية ؟
بقلم:د. كمال فتاح حيدر ..
لم نكن ندرك اهمية الاختبارات الميدانية التي يجريها معلم الرياضة في ساحة مدرستنا كل عام. كان يحمل صفارته، ويمسك بساعة التوقيت، ويختبر سرعة الجري لدى التلاميذ. يراقب قوتهم العضلية، ويتفحص قدراتهم الذاتية على القفز العالي، وقذف الثقل، ورمي الرمح والقرص، وركوب الدراجات، والمراوغة بكرة القدم، وكان يدوّن ملاحظاته في سجل يحتفظ به في مكتبه، ثم يختار أعضاء فريق الطائرة والسلة والقدم، وألعاب الساحة والميدان. .
كان البطل العراقي الآسيوي (فالح ناجي) في سباق 800 متر من ثمار مدارس البصرة، وكان الأبطال نزار اسماعيل، ونجم العزاوي، وحمزة قاسم، وعلاء احمد، وهادي أحمد، وعبد المهدي هادي، وحسن كاظم، وعادل خضير، وفالح حسن وصفي، وعبد الواحد عزيز، وجبر بوشي من نتاج مدارسنا في البصرة. .
كانت مديرية التربية ترسم جدولا لكل النشاطات الرياضية بين مدارسها الابتدائية والمتوسطة والثانوية. ناهيك عن السباق الاولمبي السنوي الذي يمثل المرحلة الاولى في الترشيح لتمثيل العراق في الالعاب الاقليمية والدولية. .
كانت الرياضة جزءا رئيسياً من المناهج الدراسية. وكانت رسالة وطنية لنشر الوعي الصحي من أجل اكتساب اللياقة البدنية، والمحافظة على مرونة الجسم. واكتشاف الطلبة الموهوبين رياضياً لاستقطابهم والمشاركة ضمن فرق البطولات المدرسية والوطنية والدولية. والنهوض بالتربية الرياضية داخل المؤسسات التعليمية. .
فالرياضة المدرسية تهدف إلى إكساب الطالب كفاية بدنية وعقلية واجتماعية ونفسية تتناسب مع عمره، وتحقق توازن شخصيته. ناهيك عن تنمية الاتجاهات الاجتماعية الإيجابية، وتقويم السلوك عبر مجموعة من النشاطات الجماعية والفردية التي تعزز ثقة الطالب بنفسه، وتحفزه على التعاون مع أقرانه. اضافة إلى الترويح عن النفس، وكسر نمطية اليوم الدراسي بتتابع حصصه، وثقل مواده. .
كانت الرياضة المدرسية في منتصف القرن الماضي، وحتى نهاية السبعينيات، هي المعين الوطني لتحسين تشكيلة منتخباتنا الوطنية في كل الألعاب. وهي الرافد القوي للارتقاء بالمستوى الرياضي. .
اما الآن فقد غابت المعايير، واختفت الثوابت، وضاعت السياقات، وجاءت المدراس الخاصة والكليات الاهلية لتعلن الحرب على الرياضية، وتقضي على المواهب الفردية الاخرى، بينما انحرفت بوصلة وزارات التربية والتعليم نحو التجاهل والاهمال، ولم يعد للرياضة اي وجود في كل المراحل الدراسية. .