لا مكان للقيم الأوروبية بعد الآن
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
انظر إلى ما يجري الآن في غزة. لن تجد فيها مكانا للقيم الأوروبية، اما إذا كنت تبحث عن الذين تلطخت ايديهم بدماء الأبرياء، فيكفي ان تنظر إلى وجوه (جو بايدن وماكرون) الذين اطلقوا يد اسرائيل ومنحوها حق اللجوء إلى القوة المفرطة بذريعة الدفاع عن نفسها. .
فقط إسرائيل وحدها لها الحرية المطلقة في الانتقام بالطريقة التي تراها مناسبة. وقد ترددت عبارة (حق إسرائيل الكامل في الدفاع عن نفسها) على لسان زعماء أوروبا. حتى صرنا أمام الأمر الواقع المتمثل بتوسع رقعتها، وتأسيس نظام فصل عنصري أشد عنفا وتطرفا وخطورة من نظام جنوب افريقيا. .
تقول اسرائيل انها تخوض حربا وجودية، وقارنت ما فعلته حماس بالمحرقة النازية. على الرغم من ان إسرائيل هي التي تضرم النيران في غزة، وهي التي ألقت حتى الآن 30 الف طن من القنابل، ويفكر بعض قادتها باللجوء إلى القنبلة الذرية لمحوها من خارطة الكون. .
أنظر كيف تتصرف الآن وكأنها هي صاحبة الأرض، وكأن الفلسطينيين دخلاء على غزة. وأنظر كيف يتعاملون مع الفلسطينيين في الضفة الغربية (خارج غزة) وكيف يعاملونهم بمنتهى القسوة. وانطر كيف فرضوا عليهم المجاعة، وكيف حرموهم من شرب الماء، وكيف نسفوا مستشفياتهم ومخابزهم واسواقهم. .
كان الجيش الاسرائيلي هو الذي يختار معاركه، وهو الذي يلعب دور الضحية. لكن هذا الجيش فقد سيطرته بالكامل، وفقد ثقته بنفسه، ولم يعد مثلما كان عليه في السابق. وهذا يفسر جنونه وغضبه وتهوره. ويفسر غاراته الانتقامية المدمرة، واخيرا تحول هذا التهور إلى رغبة شريرة لقتل الناس. حتى بات من غير المستغرب سماع قادة الجيش يطالبون بمحو غزة من الوجود. ومنهم من يطالب بقتل الفلسطينيين كافة. وان لم تصدق أنظر إلى حملات القتل الجماعية التي تنقلها بعض الفضائيات بالمباشر من مسرح الجريمة، وأنظر إلى اعداد النساء والاطفال المدفونين تحت انقاض الوحدات السكنية المهدمة، لم يهدأ سلاح الجو الاسرائيلي، ولم تتوقف غاراته ضد الابرياء. وهذا ما يحدث الآن أمام اعين زعماء اوروبا كل ليلة، وهو دليل دامغ على وحشيتهم، فالعدل والسلام الذي تعرفه اوروبا وقياداتها المتعطشة للدماء هو هذا الذي نراه كل يوم في غزة. .