أوراق مدفونة تحت رماد غزة
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لن يتقبل العالم بعد الآن مواعظ زعماء البلدان الأوروبية، ولن يتقبل شعاراتهم الزائفة عن حقوق الانسان، فقد اهتزت قناعات الناس بعد مشاركة أولئك الزعماء في قتل أطفال غزة. وسوف يصلون إلى مرحلة يُمنعون فيها العقلاء من التحدث عن حقوق الإنسان حتى لا يسيئوا إلى اليهود، الذين دأبوا على نشر الكراهية ضد الشعب الفلسطيني في حين يطالبون العالم بمنع توجيه أصابع الإدانة ضد ما ارتكبه الغزاة من جرائم وانتهاكات في قطاع غزة. .
استطاع علماء النباتات في تل ابيب ان يسجلوا بلاقطاتهم الحساسة اصوات الاشجار التي تصرخ وتتألم من جراء تعرضها للضرب بفؤوس الحطابين أو عند تعرضها للعطش والحرمان من ضوء الشمس، لكنهم لم يسمعوا عويل اليتامى وصريخ الصغار، ولم يسمعوا انين الجرحى وضجيج المنكوبين. يمكن ان يكون الصهاينة متطرفين ومتعصبين، لكن الأخطر هو انهم يشعرون ان تطرفهم مقدساً. .
قديما كنت اشعر بالحيرة حيال قيام الفراعنة برسم صورة الإنسان برأس حيوان، لكنني أدركت اليوم انهم كانوا على حق، وكانت لديهم رؤية مستقبلية عميقة بوحشية البعض. فالحضارات تشرق وتغرب لكن الهمج باقون. فلكل عصر جاهليته، وقد خرجت القوى الأوروبية اليوم عن بكرة ابيها لتعلن عن همجيتها ووقوفها مع الباطل. فالناس المتحضرين لا يمكن ان يكونوا متطرفين ومتعصبين وظالمين، لأن السياسيات الشريرة لا تنمو ولا تتوسع إلا في مستنقعات الجهل والتخلف. فالمقررات الدراسية الوحيدة التي لا يدرسونها في الجامعات الكبرى هي العدالة والانسانية التي ينجح فيها قائد فقير مثل: غاندي أو خوسيه موخيكا ويرسب فيها مانويل ماكرون وجو بايدن. كثيرون يتساقطون من أعيننا عندما نرى مواقفهم الحيوانية المشينة. . لا شك ان أحرار العالم يؤمنون بمن معه الحق، بينما يؤمن الذيول بمن معه القوة، فلا تعجب من دفاع الذيول عن المجرمين ودفاع الاحرار عن المنكوبين في غزة. .
ختاماً: بدأت اشكك بكل ما كتبه الأوربيون عن حروبهم العالمية الاولى والثانية. واردد ما قاله المؤرخ مارك توين: (لو كان الموتى يتكلمون لما أصبح التاريخ مجموعة من الاكاذيب السخيفة). .