صفقة أم صفعة ؟
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
بعد أكثر من سبعة أسابيع متواصلة من الهجمات بكل الأسلحة البرية والبحرية والجوية فشلت خسرائيل في العثور على مكامن أسلحة المقاومة، ولم تستطع الاستدلال على خارطة الأنفاق ومتاهاتها الغامضة. ولم تمتلك القدرة على إيقاف انطلاق الصواريخ الغزاوية المكثفة. .
ولم تستطع إطفاء البراكين التي التهمت دروعها ودباباتها وعجلاتها الحديثة، فكان مصيرها الانصهار، وكان مصير جنودها الفرار مذعورين من سوح الوغى. .
ولم تستطع العثور على مراكز قادة المقاومة، ولم تنجح في رصد تحركاتهم أو استدراج عناصرهم. .
ولم يستطع نتنياهو ان يحرر أسيراً واحداً على الرغم من استعانته بأحدث تقنيات البحث والتحري المعززة بالاقمار الاصطناعية. .
وبعد سبعة اسابيع من قصف الاحياء السكنية في غزة بمئات الاطنان من المتفجرات، وبما يوازي قنبلتين ذريتين أو أكثر. وجد نتنياهو نفسه مرغما على الرضوخ لشروط المقاومة والسماح بتدفق الوقود والغذاء والدواء إلى المحاصرين. وكان مرغماً على القبول بشروطها بخصوص تبادل الأسرى المدنيين، وبالشروط والالتزامات والسياقات التي قررتها المقاومة، وفرضتها عليه وعلى الذين يدعمونه في السر والعلن. اما الاسرى العسكريين فقد ارتأت المقاومة تأجيل التفاوض حول مصيرهم إلى إشعار آخر. .
من ينظر الآن إلى ملامح نتنياهو وهو يقرأ شروط المقاومة يشعر ان نتنياهو نفسه أصبح أسيرا لها خاضعاً لإرادتها، ويشعر انه فقد عنجهيته القديمة، ولم يعد كما كان. واصبح ظهوره المنكسر يعكس حجم الصفعة العنيفة التي تلقاها. حيث لم تكن بالصيغة التي يطمح إليها وإنما بشروط مفروضة عليه، وليست أمامه أي خيارات. .
اما عن التنازلات التي قدمتها خسرائيل لغزة فتمثلت بتمديد أيام التهدئة بعد ان كانت تصر على ثلاثة أيام. وتمثلت أيضاً بعدد الاسرى الذين سيتم الافراج عنهم. كانت خسرائيل تصر على 100 أسير، لكنها تراجعت وقبلت بالعدد الذي حددته غزة. وكانت تصر على تخفيض حركة المسيرات في حدود 6 ساعات يومياً شمال القطاع فقط، لكنها تراجعت وقبلت بتخفيض طيرانها بمعدل 24 ساعة باليوم ولكل مناطق القطاع. ورفضت خسرائيل الإفراج عن الاسيرات من مدينة القدس، لكنها قبلت بالافراج عن 70 اسيرة كلهن من مدينة القدس. .
وهكذا كانت الهزيمة مرسومة على جبين المجرم نتنياهو الملطخ بالعار والشنار. فكان الافلاس علامة فارقة في رصيده السياسي. ولن تقوم له قائمة بعد تلقيه صفعات غزة. .
لم تكن صفقة بل كانت صفعة مدوية وصلت اصداءها إلى البنتاغون وإلى ماكرون. .