يذبحون البريء وينصرون الجزّار
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
من أغرب مواقف رئيسة محكمة العدل الدولية (جوان دونوغو) انها تعاملت مع ملف الحرب في أوكرانيا بعكس تعاملها مع ملف الحرب على غزة. فجاءت قراراتها لصالح أوكرانيا بالشكل التالي:
- يجب على روسيا الاتحادية أن تعلق فوراً عملياتها العسكرية في الأراضي الأوكرانية. .
- تعبّر المحكمة عن قلقها العميق إزاء استخدام القوة الروسية المفرطة ضد المدنيين. .
بينما جاءت قراراتها في التصدي للكوارث المحدقة بغزة بصيغة مختلفة تماماً، وبالشكل التالي: - يجب على إسرائيل أن تتخذ التدابير اللازمة في حدود سلطتها لمنع ومعاقبة التحريض العلني على ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين. .
- يتعين على إسرائيل أن ترفع تقريراً إلى المحكمة بخصوص التدابير المؤقتة في غضون ثلاثين يوما اعتباراً من تاريخ صدور القرار. .
وهذا ما أشار إليه الكاتب البريطاني (أندرو فيشر) في مقالة كتبها حول ازدواجية المعايير الدولية. قال فيها: (هذا تناقض شديد. فالحوثيون يهاجمون ممرات الشحن البحري بلا قتلى، وإسرائيل تقتل عشرات الآلاف في غزة بلا حساب. حيث لا عقوبات على إسرائيل، ولا ضربات ضدها، ولا حظر على تسليحها، بينما تشارك الولايات المتحدة وبريطانيا في توجيه الضربات إلى الحوثيين). .
نعم. . هذا هو التناقض الذي وقعت فيه أوروبا كلها عندما شاركت في تمويل أشرس الحملات الحربية ضد اليمن، بينما يتهافتون لتقديم الدعم العسكري والاقتصادي المطلق إلى إسرائيل. فعندما يتظاهر ملايين الاوربيين من اجل الحفاظ على القانون الدولي وحقوق الإنسان والمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، يخرج عليهم ممثل الاتحاد الأوروبي ليقول لهم: لماذا لا تتظاهرون من اجل تأمين سلامة الملاحة في البحر الأحمر ؟. ولماذا لا تدينون الانتهاكات اليمنية للقانون الدولي واتفاقيات سلامة الأرواح والممتلكات في البحر ؟. ثم يستمر بالحديث في مواضيع لا علاقة لها بمجازر الابادة الجماعية التي يعرضها التلفاز مباشرة ويراها العالم كله. .
لا شك ان أعضاء الاتحاد الأوروبي يشاهدونها أيضاً، لكنهم يتجاهلونها ولا يكترثون بها. وبالتالي لا قيمة للقانون الدولي بعد الآن ولا قيمة لحقوق الإنسان. خصوصا بعد ان أعلنت إسرائيل تجاهلها لقرارات المحكمة الدولية على الرغم من انها كانت في صالحها. .
الآن. وبعد ان تبين للقاصي والداني ان سلامة خطوط الشحن البحر اهم بكثير من أروآح الاطفال. هل لاحظتم كيف يتحدث الاعلام الغربي عن إحلال السلام في اليمن في الوقت الذي تواصل فيه طائراتهم شن غاراتها المدمرة ضد المدن اليمنية المأهولة بالسكان ؟. وليس للاتحاد الاوروبي ما يقوله بهذا الشأن. فهم غير مكترثين بسلامة اليمنيين الذين يموتون بالعشرات بسبب الغارات العشوائية، في حين يعلم العالم كله ان الحظر الملاحي اليمني يقتصر على السفن المتوجهة إلى موانئ إسرائيل، وهو إجراء صحيح كان يفترض ان تلجأ اليه الامم المتحدة لمنع اسرائيل من مواصلة حملات الابادة.