بلاويكم نيوز

أضواء على مقالة السيد “الكاظمي”في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية !

0

بقلم : سمير عبيد ..

تمهيد :نشر رئيس الوزراء العراقي السابق السيد مصطفى الكاظمي مقالاً مهماً وجريئاً في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية في ٩ نيسان ٢٠٢٤ بعنوان (عودة في الذاكرة… ماذا فعلنا بعد الديكتاتورية؟)

أولا :يعتبر السيد الكاظمي الشخصية المعارضة الأوفى للمشروع الليبرالي الذي أسسه المرحوم السيد احمد الچلبي .فعندما رحل الچلبي بظروف غامضة سارع الكاظمي ورغم انه ليس لديه حزب ولا جماعة ولا امكانيات مادية وتأثير في الشارع العراقي الشعبي أصر ان يحيي مشروع الچلبي ويرفع راية المشروع الليبرالي اي مشروع المؤسسات . وهو المشروع الذي اتفق عليه ابان المعارضة العراقية الدكتور كنعان مكية والمرحوم الجلبي واعداد كبيرة من المعارضين العراقيين ليكون البديل الناجح للعراق والعراقيين بعد سقوط النظام الديكتاتوري عام ٢٠٠٣. ولكن المرحوم الجلبي ارتكب خطأ استراتيجي كبير وخطير عندما ظنَّ أنه قادر على إحتواء التيارات الاسلامية الشيعية وجعلها ( وسطية وعلى الطريقة التركية ) ويمضي بتحالف ليبرالي اسلامي وسطي وهي الفكرة التي اعترض عليها الدكتور كنعان مكية والاخرين وذكّروا الجلبي بمشروعه الليبرالي والدولة المدنية ودولة المؤسسات التي لا تسمح للچلبي بالذهاب الى تأسيس بيت شيعي وتأسيس مشروع طائفي وحذره مكية قائلا ( لا يمكن ان يقبل الاسلاميون بهذا المشروع وسوف يبتلعون الليبرالية والمشروع وسوف يسود المشروع الطائفي.. وانك تمارس اللطم معهم في الحسينيات لن يجعلهم يثقون بك لانهم لا يثقون بأحد من غير جماعتهم !) وبالفعل حصل ذلك مع الاسف الشديد. وتعطل المشروع الليبرالي خصوصا عندما نجح الاسلاميون على تطويق وخنق واسقاط الخط الموازي والنصير الى الخط الليبرالي بزعامة الجلبي وهو الخط العلماني بزعامة الدكتور اياد علاوي!

ثانيا : من هنا وعلى مايبدو كمن الرفيق الوفي وهو السيد الكاظمي بهدوء تام وبقيت فكرة احياء المشروع الليبرالي تراوده ليل نهار ومعه بعض العراقيين المؤمنين بالليبرالية والعلمانية وخصوصا عندما رحل عن الدنيا الدكتور الجلبي وطلق السياسة العراقية الدكتور كنعان مكية بسبب الطائفية والتي على اثرها قطع صلته بالجلبي بسبب اصرار الجلبي على الذهاب نحو المشروع الطائفي ظناً منه سوف يقلبه من الداخل نحو المشروع الليبرالي اي الجلبي . ولم يسطع بل اعطى حياته ثمنا لذلك .

ثالثا :فجاءت الفرصة القدرية للسيد مصطفى الكاظمي ان يكون رئيسا للحكومة في العراق ( وبالمناسبة ولمن لا يدري لقد عرضوها على الكاظمي مرارا وكان يرفض. وكان يقول لهم ” اعرضوها على كل من يريدها ” وعندما ينتهي مشوار المتنافسين سأكون جاهزا )وكانت لديه فكرة ان يستلم المهمة بلا منافسين وبلا معارضين لكي تسهل مهمته بإحياء المشروع الليبرالي في العراق والشروع في ثقافة التسامح رويدا رويدا . وكانت الفرصة الاولى بعد عشرين عاماً من حكم الاسلاميين ومشروعهم الطائفي ان يأخذها منهم عراقي كان معارضا للنظام ولم يمتلك حزب ولا جماعة ولا كتلة سياسية ويؤمن بالليبرالية ( ولهذا اسميتها الفرصة القدرية ) ولكن الخطأ الذي وقع به الكاظمي لم يكن مستعد لكي يؤسس رجال ونساء وشباب مؤمنين بالمشروع الليبرالي العائد للواجهة بقيادة الكاظمي .فأضطر لسد الفراغات بمن حوله وبمن قبل بالمهمة واسس الحكومة ( وكان يظن انها مرحلة انتقالية قصيرة وبعدها سيباشر بالمشروع الليبرالي الحقيقي واحيائه من جديد ) والخطأ الاستراتيجي الآخر هو عندما لم يؤسس حزب عندما كان في السلطة اسوة بالاخرين لكي لا يقولوا عنه استغل اموال الدولة لتأسيس حزب فيستفز المنافسين واولهم الاسلاميين .ولهذا مارس الكاظمي ضبط النفس والتسامح مع جميع الذين تجاوزوا عليه شخصيا وحكوميا .وكذلك مع الذين حاولوا تحويل بغداد الى حمام دم .وتسامح مع الذين استعرضوا القوة علنا ضد الحكومة للشروع بانقلاب دموي .فأنقذ الرجل بغداد والعراق من حمامات دم متكررة كادت تحرق كل شيء في العاصمة والعراق !

رابعا :١-قال الكاظمي في مقالته ( كان مقرّ الإقامة والعمل واللقاءات والنقاشات هو بيت والد الدكتور كنعان مكية . وهو المنزل البسيط المطلّ على دجلة الخير، وتبلورت فيه رؤى وبرامج ومشاريع، امتزجت بين أفكار ونقاشات المعارضة من الخارج من جهة، وبين العمل على تقويم التجربة الناشئة من الداخل من جهة ثانية. أتذكّر جيداً –على سبيل المثال– رسائل فخامة الرئيس الراحل جلال الطالباني ودولة الرئيس إياد علّاوي والرئيس مسعود بارزاني، والتي احتفظ بها حتى هذه اللحظة، وإشادتهم بخطّنا وأفكارنا ومشاريعنا الساعية إلى خلق هويّة وطنيّة بعيداً عن التخندقات والمعسكرات، فقد كان عملنا لأجل العراق وأهله، ولأجل الدولة ومؤسساتها) انتهى الاقتباس.

٢-هنا يؤكد السيد الكاظمي وكشهادة للتاريخ وللاجيال العراقية ان الأكراد بشقيهما ( الديموقراطي والاتحاد) كانوا يدعمون المشروع الليبرالي ومشروع المؤسسات الذي كان السيد كنعان مكية والكاظمي والاخرين يعملون عليه. ومن الجانب الشيعي كان هناك دعم من زعيم المشروع العلماني وهو الدكتور اياد علاوي للمشروع الليبرالي ومشروع المؤسسات. وهذا يعني ان ( التيارات الاسلامية الشيعية ) كانت لا تحبذ هذا المشروع من جهة . وواضح ضمنا ان الاكراد وعلاوي كانوا متوجسين من طموحات ومشاريع الاسلاميين الشيعة.

خامسا :-١-ويؤكد السيد الكاظمي بمقالته الموسومة وهو يعلن الاسف ان المشروع الليبرالي ومشروع المؤسسات قد منع من الاستمرار في الحياة عندما قال (وللأسف، مُنع هذا الخطّ من التطوّر والنموّ، وقد أسهمت التحديات والظروف التي تلت السقوط، في تقليص حضوره وفاعليّته. لقد كان الخطّ الوطني ضحية صراعاتٍ طائفية كبرى؛ ولم ينل حضوراً أو صدى في ظل عقليّاتٍ حاكمة أسست دولة لا تثق بنفسها، ولا تبعث على الثقة بها)انتهى الاقتباس !

٢-وهنا يؤشر السيد الكاظمي بشجاعة ويؤيده في ذلك ملايين العراقيين وثلثي العراقيين الذين كانوا في المعارضة ضد نظام صدام حسين ان التيارات الاسلامية الشيعية التي ذهبت بتأسيس مشروع ( طائفي ) هي التي طوقت مشروع المؤسسات ومنعته من الحياة .وجميعنا نعرف كان هناك دعم قوي جدا للمشروع الطائفي ايران. فايران شريك رئيسي بمنع تأسيس مشروع بناء المؤسسات والمشروع الليبرالي في العراق . لا بل ان ايران هي التي وأدت المشروع العلماني ” التوأم للمشروع الليبرالي” عندما طوقت وسقّطت المشروع العلماني وقائده الدكتور اياد علاوي .

سادسا : ويقول الكاظمي في مقالته كلاما قاله جميع المعارضين الوطنيين والليبراليين والعلمانيين وجماعة مشروع الدولة المدنية عندما استفحل المشروع الطائفي، وعندما تنكرت الحركات الاسلامية الشيعية وقادتها لرفاقهم في المعارضة، و حتى تنكروا الى الشخصيات والجهات المعارضة التي لها فضل كبير على تلك الحركات الاسلامية وقادتها .. فقال الكاظمي (كنت أمام خياراتٍ صعبة. ماذا أفعل؟ هل أرجع من حيث أتيت؟ وأعلن استسلامي لظروفٍ تشابكت بين محليّ وإقليمي ودوليّ؟ أم أبحث عن مساحة جديدة يمكن من خلالها استشراف المستقبل؟)… وبالفعل قرر كثيرون العودة وانا واحد منهم عندما اغلق الاسلاميون المسرح السياسي بوجه جميع المشاريع التي اشرنا اليها اعلاه .

سابعا :١-نعم نحن نؤيد شجاعة السيد الكاظمي عندما قال في مقالته (أتذكّر جيّداً أنّه في تلك الحقبة، هناك (أشخاصٌ وجهات) من أرادَ (وعَمِلَ) لأن يبقى العراق أسير اللغة الطائفية التحريضية وأسير الدولة المنغلقة على نفسها، وهناك من فضّل الجماعة والاحتماء بها. كان الإجماع على رفض فكرة ومبدأ الوسطية، ومفهومها، وقد دارت القناعات في فلك القطيعة وضرورتها، ونبذ أي تواصلٍ أو الحديث عنها لأجل المصلحة العامة!) انتهى الاقتباس !
٢-وتجسد ذلك من خلال شن اقذر الحروب النفسية والشخصية والحزبية ضد الدكتور اياد علاوي وضد القائمة العراقية ( المشروع الوطني العلماني ) والتي فازت بالانتخابات بالمرتبة الاولى. فشن الاسلاميون الشيعة جماعة المشروع الطائفي المدعوم من ايران تلك الحملات التسقيطية والتحوينية ضد الحكومة وعلاوي وجماعته وذهبوا فشنوا حرب التفكيك ضد القائمة العراقية ووأد المشروع وان لهم ذلك بدعم ايراني !
٣- ثم كرروا حربهم القذرة والاكثر شناعة ضد السيد الكاظمي وكانت حربا نفسية وتسقيطية لشخصه وحكومته وفريقه السياسي بهدف اسقاطه واسقاط حكومته ووأد المشروع الليبرالي ،ووأد مشروع ثقافة التسامح. وبالضبط مثلما وأدوا مشروع العدالة الانتقالية عام ٢٠٠٣ والذي كان مشروعا واعدا وانسانيا لانقاذ العراق من الكراهية والثأر والمشاريع الفئوية !
سمير عبيد
٩ نيسان ٢٠٢٤

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط