حتى لا يتضرر العشب
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
ظلت الولايات المتحدة تواصل دعمها للمظاهرات والاعتصامات والانتفاضات في معظم البلدان العربية. وظلت تدعم المتمردين والانفصاليين والخارجين عن القانون، ولا مانع لديها من دعم المنظمات الارهابية. لكن مواقفها من الاحتجاجات والاعتصامات تغيرت الآن، فأرسلت قواتها الفيدرالية وعصاباتها المسلحة لفض اعتصامات الطلاب في جامعاتها بدعوى ان اعتصاماتهم تسببت بتلف العشب، وما إلى ذلك من الأعذار والتبريرات التي تتناقض تماما مع الصورة التي رسمتها لنفسها بانها قلعة الحرية ومنبع الديمقراطية. . .
للمنظمات الصهيونبة شعارات توراتية لها علاقة بالعشب. لكنها علاقة دموية قائمة على تعليمات تلمودية توصي بتطبيق سياسة (جز العشب)، وهي استعارة تستخدم لوصف استراتيجيتهم ضد المقاومين الفلسطينيين في قطاع غزة. وقد صاغ هذا المصطلح البروفيسور (إفرايم عنبار) والدكتور (إيتان شامي) لوصف استراتيجية الاستنزاف العسكرية لتحقيق الردع الحاسم من خلال تنفيذ عمليات قصيرة وقوية ضد الشباب وصغار السن للحفاظ على مستوى معين من السيطرة على المنطقة دون الالتزام بحل سياسي طويل الأمد، على غرار الطريقة التي يقوم بها المرء بجز العشب لإبقائه جميلًا ومرتباً. وبالتالي فإن سياساتهم كلها مستمدة من الغابات والأعشاب والحشائش والأدغال. سياسات لها علاقة بسلوك الأغنام والأبقار والدواب. .
تذكرني هذه السياسات العشبية بلوحة: (الغداء على العشب)، التي رسمها الفنان الفرنسي (ادوارد مانيه) عام 1863 ويظهر فيها رجلان يرتديان ملابس كاملة، ويتحدثان مع امرأة عارية تماما في حديقة عامة. .
لوحة لم يتقبلها المجتمع الأوروبي وقتذاك، فأثارت ضجة كبيرة بين الناس لأنها كسرت الحواجز المجتمعية، وتحدت المفاهيم التقليدية للذوق. .
يقول الهنود البيض: (عندما تتصارع الأفيال لا تسأل عن العشب). وأحيانا يقولونها بهذه الصيغة: (عندما تتصارع الفيلة يموت العشب). وعلى السياق نفسه فعندما تتفجر الثورات التحررية الغاضبة لا تسأل عن العشب. ولا تسأل عن القيود والحواجز. فما بالك إذا كان العالم كله يتطلع اليوم لتفعيل موجة عارمة من موجات التغيير في مواجهة الظلم والإستبداد والممارسات القهرية التي فرضتها الإمبريالية الأمريكية على الشعوب والأمم الواعية ؟. .
وبمناسبة الحديث عن العشب. هل يعرف احدكم نوعية العشب المفروش في حدائق الجامعة العربية أو في حدائق منظمة العمل الإسلامي ؟. هل هو من العشب الطبيعي أم من العشب الاصطناعي ؟. وهل تعرفون عناوين هذه المؤسسات الخاملة ؟. في أي اسطبل أو في أي مقبرة ؟. .