مقاولات دولية بمعاول انقلابية
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
بين أيدينا أنموذجا حياً لمقاولة دولية استثنائية يجري تنفيذها الآن في اقدم البلدان العربية. .
مقاولات ومشاريع لم يلتفت إليها عباقرة التحليل السياسي، وربما رفضوا الحديث عنها خوفا من الترحيل القسري وراء كوكب أورانوس، لكنك تجدها على ألسنة الدراويش والبهاليل (جمع بهلول)، ومن كان على شاكلتهم من المقتنعين جدا جدا بنظرية المؤامرة. .
ربما تتذكرون تصريحات الدكتور محمود المشهداني عام 2020 عندما قال: (احنا أجينا للحكم مقاولين تفليش). والتفليش باللهجة العراقية هو: التهديم والتحطيم والتخريب ونسف البنى التحتية. .
فعلى الصعيد العربي. تبدأ المقاولة بجلسة سرية تعقدها البلدان الكبرى (دول الاستعمار القديم) لاختيار كومبارس أو طرطور بمواصفات معينة. يجري تدريبه وتأهيله وترويضه على أيديهم، ثم يهيئون له الأجواء للاستحواذ على السلطة في بلاده. تبدأ مراحل التنفيذ بعد نجاح مضخات التسقيط في زعزعة الامن والاستقرار، وإثارة الفوضى في عموم البلاد. تمهيدا للإطاحة بالحكومة، ومن ثم التحول إلى مرحلة انتقالية مدروسة يتزعمها هذا الكومبارس، الذي يخرج فجأة من القمقم ليتولى السلطة المؤقتة، تأتي بعدها دكتاتورية طويلة الأمد. تقتصر فيها مهمة الدكتاتور الجديد على تفكيك البلد، وتقسيمه وتجويعه وإفقاره، وتهديم مؤسساته التعليمية والصحية والخدمية والإنتاجية. وإضعاف مؤسساته الحربية، وتأتي المفاجأة الكبرى عندما يتنازل عن حدود بلاده ومنافذها البرية والجوية والبحرية. .
لسنا مغالين إذا قلنا ان ما حصل في مصر بعد الانقلاب على الزعيم المنتخب (مرسي) هو صورة من صور المقاولات، التي تنازلت فيها الدولة عن حقولها الغنية بالغاز لمصلحة اسرائيل، كانت هي التي تصدر اليها الغاز فأصبحت تستورده منها. ثم تنازلت مصر عن حقوقها في نهر النيل، وعن ارباحها المضمونة في قناة السويس. وباعت موانئها وسواحلها ومعاملها الإنتاجية، وتنازلت عن مياهها الإقليمية والدولية لقبرص واليونان بضمنها حقول النفط والغاز، وحوّلت جزيرة سيناء إلى إمارة مرشحة للانفصال والانسلاخ والاستقلال، يحكمها الآن شيخ المهربين (الضرغام العرجاني ابو عصام). .
ثم توجه الكومبارس نحو إغراق البلد بالديون والقروض، وزرع فكرة التراجع والانكماش والتقهقر في عقول الناس. وتجنيد الأبواق الرخيصة للقيام بمهام التلفيق والتزييف في فضائيات الصوت الواحد، ومطاردة المعارضة في الداخل والخارج. وفتح الجسور الجوية والبحرية لتمويل اعداء الامة، وبيع الآثار وإفراغ المتاحف والمكتبات من محتوياتها الثمينة. .
انظروا الآن إلى اوضاع بلدانكم التي تعيشون فيها، وحاولوا البحث عن المشاريع الخارجية المماثلة، ابحثوا عنها بعين فاحصة لكي تكشفوا الجوانب المخفية من تلك المقاولات التي يجري تنفيذها في أوطانكم. لا نريد ان نلهيكم بالتفاصيل، فقد بلغ السيل الزبى، وتوسعت رغبات الدكاكين السياسية لتفعيل منافعها وتعظيم مواردها. فالأرض العربية الممتدة من نواكشوط غربا إلى آخر الشوط شرقاً صارت مرتعاً ومسرحاً لكل المؤامرات والدسائس، حاولوا ان تفهموا الصورة بطريقتكم الخاصة، واعلموا اننا نقف الآن على شفا حفرة وعلى حافة الهاوية. .
فمن كان في هذه اعمى فهو في الآخرة اعمى وأضلُّ سبيلا. . .