غرام دبلوماسي من طرف واحد
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
آمنت معظم البلدان التي تحترم شعوبها وتحافظ على سيادتها بمبدأ التعامل بالمثل بغية تعزيز علاقاتها مع البلدان الأخرى، حتى أصبح مبدأ التعامل بالمثل من المفاهيم الشائعة في الممارسات الدولية لتحقيق التكافؤ والمساواة بين الشعوب والأمم. وهذا ما نصت عليه اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، واتفاقيات فيينا للعلاقات القنصلية 1963، والبعثات الخاصة لعام 1969. .
ولكن قد تقع البلدان في بعض الأحيان في شراك الحب الدبلوماسي من طرف واحد، حيث يكون الخسران جلياً وواضحا، لأن صفة التبادل غائبة بينما يكون التنازل حاضراً، وربما تتكرر التنازلات التي يبذلها الطرف الاول للطرف الثاني من دون فوائد ومن دون مكاسب ومن دون مردودات إيجابية. .
يقول الأديب الهندي: فاراز كازي، (ربما اسمه الحقيقي: فراس غازي). يقول: هل تساءلت يوما عن الطريقة التي تقتل بها نفسك دون أن تموت ؟. الأمر بسيط؛ هو عندما تقع في حب امرأة لا تحبك. .
مثال على ذلك نذكر ان الحكومة العراقية داست باقدامها في زمن الكاظمي على قانون حماية المنتج الوطني، ومنحت الأردن الإعفاءات الجمركية السخية، وسمحت لها بإدخال منتجاتها الزراعية والصناعية عبر منفذ طريبيل بلا رسوم وبلا ضرائب، وبلا اجور وبلا عوائد مالية. في حين ظلت الرسوم والضرائب سارية المفعول على المنتجات العراقية المصدرة إلى الأردن. بمعنى انك عندما تقف في منفذ طريبيل ترى البضائع الأردنية تتدفق وتنساب بلا رسوم، بينما ظلت التعرفة الجمركية معمول بها حتى الآن عند التعامل مع البضائع العراقية المنقولة إلى الأردن. .
ويفكر العراقيون الآن بترحيل نفط البصرة إلى الأردن ومنها إلى مصر، وبناء مصاف ومعامل ومحطات لتوليد الطاقة، تكون كلفة النقل والإنشاء والتنفيذ والتشغيل على نفقة العراق. .
نعم. . هذا هو العشق الدبلوماسي من طرف واحد، وهذا هو التنازل من طرف واحد عن مبدأ التعامل بالمثل، والانموذج المحزن للتفريط بثرواتنا والاسراف في تبذيرها وبعثرتها من دون ان نعرف الاسباب والمسببات والأهداف والغايات. فإن من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آتٍ آت. .