إلى النوّاب..والريل وحمد
بقلم : وجيه عباس ..
الآن حيَّ على الوداعِ رحيلا
أَوَعُدْتَ ثانيةً؟ فتلكَ الأولى
هلْ مُتَّ؟ ظلُّكَ واقفٌ وبجانبي
سأكونُ صوتَكَ دونَهم لتقولا
هوَ ما تبقّى منكَ اسمٌ واحدٌ
وبكلِّ حرفٍ فيكَ كانَ فصولا
الموتُ في الشعراءِ وهمٌ قائمٌ
أَزِحْ الترابَ بإصبعيكَ قليلا
ودعِ الخيولَ تَخِبُّ بين قصائدٍ
أبقيتَها… حتى تَجرَّ خيولا
ها جئتُ فيكَ من القليلِ يصوغُني
وتكادُ توسِعُني هناك مقيلا
وَبِحسْبِ نفسي لا بِحسْبِكَ إنَّني
فيها أُغنّيك العتابَ طويلا
وتكادُ تحملُني خطاكَ إليكَ
والمعنى انتظارٌ
لايقيكَ نزولا
مُذْ كنتُ أبتكرُ الوجودَ تلوحُ لي
قَمَراً يغازلُ نجمةً، ليقولا
وأكادُ ارتكبُ الجمالَ بأحرفي
حدَّ اشتهاءِ الموتِ فيكَ عليلا
قلْ ماتشاءُ لمن تشاءُ
فكُلُّنا
موتى،
ولكن كنتَ فيهِ عجولا
الآنَ قُمْ، بيروتُ فيكَ قِيامةٌ
كُنْ أيُّها الولدُ الجميلُ جميلا
كُنْ ألفَ فيروزٍ تؤذِّنُ بالمسيحِ
فتورقُ الصلبانُ فيك رسولا
كُنْ دمعةً في كربلاءَ توقَّدتْ
بخيامِها، فتناثرتْ سِجّيلا
بيروتُ تجمعُ فيكَ أوْجُهَنا بها
يا للعراقِ
وكانَ منكَ خجولا
أعطاكَ قبراً كي تنامَ كأنَّهُ
كان الكريمَ
وكنتَ فيهِ بخيلا!!!
دعني ألُمُّ بكَ المواجعَ غيمةً
وَلَأمْطِرنَّ بها ترابَكَ قيلا
أدري بأنَّكَ مُثْقَلٌ بعروبةٍ
وثيابُها هَدَلتْ، وكنتَ نحيلا
ودمٌ على كفّيكَ تنحَتُ صخرَها
وكأنْ هناكَ حملتَها إزميلا
دع بعدَكَ الطوفانَ يُغرقُ أمَّةً
ماكنتَ في شعرائِها الضلّيلا
قدرُ الغريبِ كما الغرابةُ إنما
طحنتك حتى اثقلتكَ حُمولا
ضاقتْ بها مُدُنُ المنافي غربةً
يا أينَ توصِلُك الخُطى لتزولا!
ناياً تسيلُ بك البلادُ فراحلٌ
كان الخروجُ به هناك دخولا
سيفُ الخلافة ظاميءٌ ودماك
ماءٌ لايريدُ سواهُ مَسيلا
ان الخليفةَ ظلُّ ربِّكَ في الثرى
وله الخلافةُ بكرةً وأصيلا
أفَأنتَ تشرِكُ فيه بعضَ عبيدِهِ
وتراه عينُك كالحذاء صقيلا
يا أنت: مملكةُ القرود مدائنٌ
هارونُ يملكُها فكن بُهلولا
الناس والنسناس خيطٌ واحدٌ
وتكوَّروا حدَّ الضياع غُزولا
الناسُ تجهلُ ماتريدُ فكلُّهم
فيها نبيٌّ يستطيل نبيلا
لوقلتَ فيهِ جاهلٌ لأراق من
دمك الدليلَ على هداه دليلا
ولجاء فيكَ من الصِحاحِ بصدقه
مايعجزُ القرآن والإنجيلا
كن أنتَ صاحبَكَ الذي لاينتمي
إلا إليك وكن به مفضولا
كن أنت ظلُّكَ والحقيبةُ صاحبٌ
وبحيثُ كنتَ القاتلَ المقتولا
اخرجْ بوحدِكَ فالبلادُ هي
البلادُ وكنتَها التنزيلَ والتأويلا
يا أيُّها الوطنُ الغريبُ بخطوِهِ
فَأُضيعَ عرضاً في البلادِ وطُولا
وَتَلفُّتُ الغرباءِ وجهُكَ
كلَّما
قيل العراقُ مُلئتَ منهُ ذُهولا
ياابن الذينَ تفرَّقتْ أوطانُهم
لم يستعرْ وطناً هناك بديلا
ماكنتَ فيكَ أصابعاً لِتَمُدَّها
زعماً بأنَّكَ كنتَ فيهِ دخيلا
وَلَأنتَ”هابيلٌ” وكانوا كلُّهم
في وجهِ “آدَمِهِم” بها “قابيلا
شفتك ونته أوّلْ شيب
غيمةْ امكحّله ابعينك
مُطْرَتْ، لن حچي اترابك عطر متعطّر ابطينك
شفت خطوك على اترابي مطر يرسملي چفّينك
ندهني وماشفت وجهك بعد مابيني وبينك
انتظرتك هاترد هاوين؟
ولك چم هاترد؟ وينك؟
لگيتك تنتظرني ابعيد….
يلطولك دهر
خف إعله مسچينك
تعبني انتظارك وانته وحدك ذاك
لا مر الفرح بيك وعرف زينك
من خمسين اعرفك بيك طعم الهور
وانه البردي اعله چفك حنّة إيدينك
ونه اثيابك الماذبت سواد الگاع
حدرهه الشمس لوغُمضتْ سوادينك
يا ابن الجنوب وللجنوب أنينُهُ
قَصَبٌ يذوبُ على الشفاهِ عويلا
“الريلُ” كان حقيقةً وتأخّرتْ
وَتَقَدّْمتْكَ بها الخطى مجهولا
تَرَكتْكَ وحدَكَ في الهجيرِ مؤذِّناً
وَصَداكَ يوسِعُ صمتَها مثكولا
الثلجُ يمطرُ عارضيكَ طفولةً
والشمسُ تصبغُ مقلتيكَ طُفولا
ها أنتَ تخرجُ من جنوبِكَ سائلاً
حَذَرَ الجوابِ، ولم تكن مسؤولا
الآنَ أُنبيكَ اليقينَ لأنَّني
لستُ المُداهنَ في الحديثِ وُصولا
ولأنَّني بعضُ الحسينِ ولي دمٌ
لا أرتضي بسواهُ عنهُ بديلا
ولأنَّ فاطمةً هنالك جدَّتي
آمنتُ إنَّ الحقَّ كان بتولا
كلُّ الجنوباتِ التي بك آمنتْ
قرعتْ مآذنُها الضخامُ طبولا
كان الجنوبُ بها القيامةَ بيعةً
ورجالُهُ “مابدَّلوا تبديلا”
أُنبيْكَ عن مُتَهوِّدينَ توارثوا
بدمِ الشعوبِ ممالكاً ورِمولا
الشاهرينَ على الشعوبِ سيوفَهم
والرافعينَ إلى العدى منديلا !
وَهُمُ الأسودُ إذا الشعوبُ
تصارخوا
كانوا عليهم في القِصاصِ مغولا
يتفاخرُ الأعرابُ بين خيامِهم
لوكان عمدةُ حاكميهِ عميلا
مازاد في عدد الرُعاةِ عِصِيُّهم
أو زاد في عدد القطيعِ عُجولا
وَتَقوَّلوا بدمِ الشعوبِ حكايةً
جعلوا العِقالَ بها هناك عُقولا
حتى الوجوهُ به هناك كمائنٌ
غُوْلٌ على الأحداقِ يتبعُ غُوْلا
وَلَأُنْبِئنَّكَ: كلُّ فعلٍ ناقصٌ
لوكان فاعلُه به مفعولا!
سقط العقالُ على العقالِ فلاترى
إلا أكيلاً يستبيحُ أكيلا
ويحرِّكون بيادقاً في رُقعةٍ
مَلِكٌ
تراهُ إذا تنقَّلَ فيلا
خلقوا من الشطرنج كلَّ فَخارِهم
جعلوهُ فيما بينهم برميلا
للنِفْطِ عارٌ في الجياعِ
لأنَّهم
حمدوهُ فيهم بُكرةً وأصيلا
ويلُمِّها الغُتراتِ ترفعُ ناقصاً
فينا، وتخفضُ بالشريفِ مثيلا
ولو أنَّهم عرفوا العروبةَ قدرَها
وضعوهُ فوق رؤوسهم إكليلا
عُرُبٌ وإسلامٌ فيالله كيف
توَّرعوا
وتوزَّعوكَ قتيلا
كانت عروسُ القدسِ ترفعُ رأسها
هي والعقالُ مكارماً وأصولا
الآنَ غزَّةُ بالعِقالِ مُحاطةٌ
والنفطُ
يجري لليهود سيولا
كان العِقالُ على المعابر رايةً
والآنَ تبصرُهُ هناك ذليلا
لا مثلَ من لبسَ العمامةَ رأسُهُ
وكأنَّهُ جعل الحسينَ سبيلا
وبمن إذا نثرَ الوعيدَ فصادقٌ
جعلَ اليهودَ لما يقولُ مثيلا
هذا جنوبُ اللهِ… ثغرُ محمَّدٍ
وعليُّ
أبقاهُ
هناكَ
كفيلا