ضرورة أم تهديد للعدالة؟
بقلم : مقتدى انور ..
تعد قوانين العفو العام من أبرز القوانين التي تثير جدلاً كبيراً في الساحة السياسية والاجتماعية، لما لها من تأثيرات مباشرة على المجتمع والعدالة. في العراق، اكتسب قانون العفو العام أهمية خاصة نظرًا للظروف الأمنية والسياسية المعقدة التي شهدتها البلاد على مدى العقود الماضية، لقد عانى العراق من أزمات سياسية وأمنية متلاحقة، بدءًا من الحروب الداخلية والخارجية وصولاً إلى تصاعد نفوذ الجماعات المسلحة والإرهابية. في ظل هذه الظروف، تم إقرار عدة قوانين عفو عام في محاولات متكررة لاحتواء الأزمة وإعادة الاستقرار. من أبرز هذه القوانين قانون العفو العام الصادر عام 2016، الذي أُقرّ في خضم حرب العراق ضد تنظيم “داعش”، والذي كان يهدف إلى دمج المقاتلين السابقين الذين لم يتورطوا في جرائم خطيرة في المجتمع.
القانون الذي طرح في مجلس النواب يصعب تمرره والاحتمالات تشير الى مصيره الفشل وذلك لان مواد القانون يصعب تمريرها والقانون تشديدي اكثر مما هوه مساعدة ، ان ابرز المؤيدين للقانون هم الكتل السنية بحجة ان هناك الكثير من الابرياء في السجون ويجب اخراجهم ، لكن كل المؤشرات تقول انه لغرض دعاية انتخابية لكن لا ننكر وجود من لديه اهداف نبيلة ويرى ان هناك من ظلم في فترة داعش .
اما موقف الكتل الشيعية والازيدية رافضين القانون جملة وتفصيلا، بحجة ان الموجودين بالسجون جميعهم متهمين اتهامات واضحة وصريحة بالانتماء لداعش ومساعدتهم سواء بالمعلومات او بالسلاح واسمائهم موجودة في سجلات داعش
اذا قرأنا القانون سنرى ان القانون لم يترك ثغرة واحدة حتى نستطيع ان نسمه عفوا مثالا عن ذلك المادة ٤ الجرائم التي لا ينطبق عليها العفو تنص على
“الجريمة الارهابية التي نشأ عنها قتل او عاهة مستديمة وجريمة تخريب مؤسسات الدولة وجريمة محاربة القوات المسلحة العراقية وكل جريمة ارهابية ساهم بارتكابها بالمساعدة او التحريض او الاتفاق”
وفقا لهذا النقطة لن يستطع احد الخروج وذلك لان كل المتواجدين بالسجون عليهم دلائل في مساعدة داعش او قاتلوا القوات المسلحة العراقية وحتى الذين لم يساعدو فقد كانوا متفقين او حرضوا بالتالي القانون لن يشملهم ،
بالاضافة ان القانون العفو لن يشمل تجار المخدرات و المهربين وتجار الاعضاء و الخاطفين والمغتصبين والمثليين ومهربي الاثار و غاسلي الاموال ومزوري العملات النقدية …الخ.
بالمقابل المؤيدين للقانون يعتمدون على المادة 9 من القانون التي تنص على “اولا للمحكم عليه بجناية او جنحة بمن فيهم مرتكبوا الجرائم المستثناة بالمادة (٤) من احكام هذا القانون ادعى انتزاع اعترافه بالاكراه او اتخذت الاجراءات القانونية بحقه بناء على مخبر سري او اعتراف متهم اخر الطلب من اللجنة المشكلة في البند (ثانيا) من هذه المادة تدقيق الاحكام من الناحيتين الشكلية والموضوعية والطلب باعادة المحاكمة وللجنة سلطة تقديرية في القيام باعادة التحقيق في الدعاوى المنظور من قبلها”
لكن هذه النقطة مستحيلة ايضا لان من غير المعقول ان تقوم الحكومة العراقية بمحاكمة الالف السجناء
في الاخير هناك ابرياء وهذا مؤكد لكن المشكلة بالالية التي يجب اتباعها لمعرفة من الابرياء ويبقى قانون العفو العام في العراق موضوعًا معقدًا وحساسًا، يثير الكثير من التساؤلات حول قدرة الدولة على تحقيق التوازن بين العدالة والمصالحة. في نهاية المطاف، يتطلب الأمر مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار حقوق الضحايا، والحاجة إلى الاستقرار، ومتطلبات العدالة الانتقالية، من أجل تحقيق سلام دائم ومجتمع متماسك.