ظالم يُهاب لقوّته ومظلوم يُلام
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
بلد انهكته الحروب، وأهلكته الشدائد والأزمات، وأغرقته الفتن والصراعات، واشعلوا فيه نيران الحقد والكراهية، وعصفت به المآرب الشيطانية. .
بلد نهبوا آثاره، واستباحوا كنوزه، وبعثروا ثرواته، وقتلوا ودمروا كل ما فيه بأبشع الأساليب الهمجية. .
في هذا البلد ثمة خيط رفيع فاصل بين ما جرى في الماضي القريب المظلم، وما يجري في الحاضر المؤلم، وبين تقلباته المضطربة بالتهميش والتسقيط والتنكيل، والاستبعاد لكل وطني غيور شجاع شريف ملتزم. حيث انقلبت الموازين، واختلت المعايير، واتت علينا سنوات خدّاعات يُصدّق فيها الكاذب، ويُكذّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخوّن فيها الأمين. ويبُرّأ المجرم، ويجّرم البريء. .
الظالم يُهاب لقوّته، والمظلوم يُلام لضعفه، والشاتم يُعد قويا، والمنافق يتكلم عن الصدق، والصادق يتهم بالكذب، والجاهل يتكلم عن المعرفة، والعالم يُنظر اليه بالجهل، يا لها من حياة زائفة. .
لقد تعالت الأصوات المنددة الآن بالعقود المليارية المريبة، وبعدما ضجت مواقع التواصل بفضائح السرقات والاختلاسات والصفقات المجنونة، حتى ضاع رأس الشليلة. .
علمونا ونحن صغار أن طائر البوم شؤم. وأن الغراب يأتي بالخراب، وأن الثعلب ماكر، والذئب غدّار، والجمل يحمل الضغينة في قلبه. علمونا أشياء عن الحيوانات لم نجدها فيهم بل وجدناها فقط في البشر حين كبرنا. .