وما يُلقاها إلا ذو حظ عظيم
بقلم : تيمور الشرهاني ..
يتجلى التخاذل العربي بشكل واضح في الأزمات التاريخية المعقدة، فبات واضحاً لكل مراقب ديدن زعماء الدول العربية أمثال السيسي وابن سلمان وحكام الإمارات وقطر ودول أخرى، بل حتى نال هذا التخاذل الفرس كونهم يتجاهلون قيم الشجاعة التي أظهرها زعيم المقاومة السيد الشهيد حسن نصر الله، حيث يمثل هذا التحدي التاريخي قلقاً عميقاً لعالمنا العربي الحديث، إذ يظل هؤلاء الحكام بعيدين عن التغيير الإيجابي. ولو نعرج على واقعة الطف فهي خير دليل على الشجاعة والإيثار ومقاومة الاضطهاد، ولها تأثير ينعكس على مجتمعنا الإسلامي إلى يومنا هذا، بقيت تُدرّس، فضلاً عن الأزمات والإخفاقات التي واجهتها في تلك الحقبة المظلمة لتكون عبرة للمجتمع. ثم إن إحياء ذكرى كربلاء يعكس التزام الشيعة والسنة بتعزيز قيم الوحدة والعدالة والتصدي للظلم، ولا شك أن التوقعات المستقبلية التي سوف تصيب مصير الأنظمة المتخاذلة بالتوازي مع أحداث التاريخ، لأنها تدل على أن الأنظمة المتخاذلة لن تدوم طويلاً، لذا سيواجه الحاكم الظالم ذات المصير كما حدث على مر العصور في واقعة الطف، فحكام تلك الحقبة إلى مزبلة التاريخ.
من المهم مراقبة تطورات الوضع في العالم العربي وتأمل الإرث التاريخي الذي يظل قائماً كدلالة على المقاومة والتغيير. هذا اليوم أُعيدت واقعة الطف بذات الأسلوب وذات النهج على أيدي سفاحين مجرمين قتلة استشهاد زعيم المقاومة حسن نصر الله وهو يحتضن ابنته الشهيدة زينب (رحمهم الله) بمكان خارج معركة الطف بكربلاء، ألا وهو الضاحية الجنوبية من لبنان، فالمشهد ذات المشهد والأسلوب ذاته مطابق تماماً لواقعة الطف التاريخية، غير أنها تكررت بأسلوب آخر بمقتل الشهيد السعيد نصر الله. فهنالك من ابتهج من الأعراب الأنجاس بمقتل هذا الفارس الهمام، أبا هادي، النقطة البيضاء الوحيدة في جسد هذه الأمة المخصية.
يُظهر هذا المعنى كيف أن الصمود أمام التحديات لا يقتصر فقط على القوة الجسدية بل يتطلب أيضاً الإرادة والعزيمة؛ في يوم عاشوراء قبل ألف وأربعمائة سنة، شهد العالم الإسلامي واقعة لا مثيل لها التي استشهد فيها الحسين وأصحابه، مما أدى إلى تحولات عميقة في الفكر والسياسة الإسلامية.
حيث استُشهد الحسين بن علي (عليهما السلام)، فكان لهذا الحدث تأثير عميق على العالم الإسلامي، إذ أظهرت المبادئ النبيلة التي ينطلق منها الحسين في دعوته للعدالة، إذ يعد هذا التاريخ رمزاً للمقاومة ضد الظلم والطغيان، وهو ما يجسد أهمية هذه الذكرى في ترسيخ الهوية الإسلامية.
كما أن مقاومة سيد المقاومة السيد الشهيد حسن نصر الله لسنوات طويلة أوضحت إرثها في مواجهة الظلم، بيد أنه استمد هذا الثبات من جده الإمام الحسين (عليه السلام)، فبقي صامداً محارباً كيانا غاصباً ليكن إرثه بمثابة مثال يُقتدى به في مقاومة الظلم على مر العصور، حتى تظل قيم الشجاعة والثبات حاضرة في عقول وقلوب الأجيال المتعاقبة، فالأساليب التي اتبعها نصر الله في تحدي الظالمين تظل خالدة مما يلهم الحركة نحو العدالة والنصر في جميع بقاع الأرض.