بنايات تسكنها عفاريت البصرة
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
سوف تكتشف مع مرور الوقت ان الزاد والملح مكانهما المطبخ وليس بين بعض البشر. .
حكايتنا لها ارتباط بالبصرة التي تزينت عام 2017 بطراز فريد من البنايات الفكتورية الفخمة المطلة بواجهاتها الرخامية المهيبة على الطريق الواصل بين حدائق الأندلس ومقر الموانئ. . بنايات شبيهة بقصور فرنسا في عصر النهضة، لم تخسر فيها الدولة فلسا واحداً، ظهرت إلى النور أول مرة في زمن وزير عابر للروتين وصل بغداد قادماً من ضفاف شط العرب. ثم تبين فيما بعد أن تلك البنايات الساحرة كانت مشؤومة مسحورة. تسكنها العفاريت والأشباح والأرواح الشريرة. .
تمثل احدى البنايات المقر البديل للموانئ تشاركها الإدارة المحلية للمحافظة (مؤقتا)، وبنايات منفصلة تمثل مركزا علميا يعمل الآن بموافقة مجلس الوزراء ورعاية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. .
شعر الوزير وقتذاك ان أهله سوف يشكرونه مدى الحياة على جهوده الإبداعية، وسوف يثنون على مواقفه الوطنية، لكن لعنة العفاريت الوقحة ظلت تطارده، فلا مبادرته الوطنية الداعمة للمحافظة شفعت له، ولا إدارة المركز العلمي وقفت معه، فقد تنكر له الجميع دونما سبب، فضاع معهم الزاد والملح، وخذلوه كلهم بأسلوب مخجل، بينما أطلق أعضاء مجلس المحافظة بتشكيلته القديمة فتوى أستثنائية قضت بتحريم الصلاة في البنايات الجديدة بذريعة أن تصاميمها مخالفة للقواعد الشرعية !؟!. ثم رفع خمسة من نواب البصرة شكاوى كيدية إلى القضاء للانتقام من الوزير القديم، فتلقى حزمة من العقوبات من دون ان يدافع عنه احد سوى الشيخ مزاحم الكنعان التميمي (أبو ماهر). واختفت العفاريت القديمة والحميمة بعدما ضمنت تحقيق منافعها ومكاسبها. .
كانت تلك العفاريت في البصرة. أما في بغداد فالموقف مختلف تماماً. ففي خطوة مماثلة عدّها المراقبون تطوّراً نوعياً في التنسيق الوطني بين المؤسسات الرسمية مع بعضها البعض، قرر مجلس القضاء الأعلى التبرع بالعقارات الفائضة عن الحاجة وغير المستغلّة (المملوكة أو المخصصة لمجلس القضاء) إلى الجهات المختصّة في وزارتي الداخلية والصحة لبناء مصّحات لمعالجة متعاطي المخدرات من أجل القضاء على هذه الظاهرة. وبهذه الخطوة المباركة ترك القضاء العراقي بصمة واضحة في النهوض نحو الأفضل، فشكرا للقضاء العراقي الذي خطى هذه الخطوة الوطنية الجريئة. وكان الله في عون الوزير الذي حاربته عفاريت البصرة، وخذلته الأرواح الشريرة ولم يفزع له إلا رجل واحد. .
كلمة اخيرة لصديقنا الوزير: لا تبتأس أبداً بعدما ظهر الذين خذلوك على حقيقتهم، فكن دائما على يقين أنه لن يحاربك إلا حاقد أو فاشل أو ضعيف أو منافق. لأنك فعلت ما لا يستطيعون فعله. وأعلم ان بين كل خير وخير مسافة مرهقة تسمى الابتلاء مليئة بالأجر لمن يصبر ويحتسب. فلا تحزن عندما يسقط شخص ما من عينك. لأنه سوف يفسح الطريق لك لرؤية من هم أفضل. فسلم أمرك للذي لا يغفل، ولا ينام، ولا يكسر بخاطرك. .