التحول من كلب إلى باشا
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
هكذا وبكل بساطة قد يتحول المواطن عندنا بلمح البصر: من كلب إلى باشا، ومن باشا إلى كلب. .
يحكى ان اللواء صالح صائب الجبوري، كان رئيسا لأركان الجيش، وكان كلما ذهب إلى السينما اصطحب معه حمايته بملابسهم المدنية، وبينما كان مستغرقا في مشاهدة الفيلم لمح بين المقاعد ثلة من الشباب يتحرشون بأمرأة جالسة بجانبهم وهي تحاول ردهم عنها. عزّ عليه أن يرى امرأة عراقية محصنة تتعرض للتحرش، فقرر نجدتها والذود عنها، طالبا من الشباب التأدب والابتعاد عن السيدة الجالسة. فردوا عليه بعنف. قالوا له: ومن أنت ؟ وشنو دخلك بالموضوع ؟. هل هي بنتك أو أختك ؟. ثم تهجم عليه أحدهم، وكان ينوي تسديد لكمة الى السيد اللواء، قائلا: (ابتعد يا كلب ..انت شنو شايف نفسك ؟، هسه اكسر راسك بضربة واحدة)، وهنا تدخل أفراد حمايته، ولما سحبوا مسدساتهم أدرك الشباب انهم وقعوا في ورطة. فتباكوا متوسلين: (باشا الله يخليك سامحنا. لم نكن نعرف سيادتك)، وكادوا يقبلون يده. ولما عاد السيد اللواء إلى بيته كتب في مذكراته:(أية أمة هذه التي يتحول فيها المخلوق من كلب إلى باشا في غضون ثوان معدودات بقوة السلاح). .
فلا تفرح في العراق عندما تصبح محافظا أو نائباً أو وزيراً أو رئيساً للوزراء أو حتى رئيساً للجمهورية. .
يقولون: الزرع زرعان زرع الشجر وزرع الثمر، فإن زرعت الشجر ربحت الظل والثمر، وإن زرعت طيب الأثر حصدت محبة الله والبشر. نعم بالتأكيد، لكن هذه القاعدة لا وجود لها في العراق. ربما في مكان آخر من العالم. .
يتغني الشعب العراقي كله الآن ببساطة الأسرة الهاشمية الحاكمة في العهد الملكي قبل ثورة تموز 1958، لكن تلك الأسرة أبيدت عن بكرة أبيها وبلا رحمة. ثم تعاقبت علينا الحكومات، وكلما جاءت حكومة لعنت التي قبلها، حتى وصلنا إلى ما وصلنا اليه من التأقلم مع قواعد سياسية هجينة لا مثيل لها في عموم كوكب الأرض. .
شئ واحد لا تندم عليه أبدا هو حسن خلق