اللاعبون والطامعون بالملعب السوري
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
كل ما يحدث أمام أعيننا في الشرق الأوسط هو سيناريو معد لتقسيم النفوذ والسيطرة، وهذه صورة تحليلية للمستقبل السوري بعدسة رقمية مكبرة. فقد أصبحت سوريا ملعبا مفتوحا مساحته (185,180 كم²)، ومكوناته القومية والدينية مؤلفة من 74% سني مسلم, و 16% من المسلمين الإسماعيلية, والشيعة الإمامية, والعلويين والدروز. . و 10% مسيحي من مختلف الطوائف, اليونانية في المقام الأول والأرمن الأرثوذكس). آخذين بعين الاعتبار ان الكرد يشكلون 10% في حصة المسلمين السنة. .
اما القوى المتنافسة في الملعب السوري، فهي كل من (تركيا – امريكا – روسيا – ايران – اسرائيل – وبعض البلدان العربية). .
وفيما يلي خطة وطريقة لعب الفريق التركي والفريق الاسرائيلي. .
فعلى الرغم من الدور الذي لعبته اسرائيل في إسقاط النظام السابق، وعلى الرغم من هجماتها التي دمرت الترسانة السورية، وعلى الرغم من احتلالها جبل الشيخ وتغلغلها في العمق السوري، فهي ترى ان ليس من مصلحتها بقاء سوريا موحدة، وليس من مصلحتها تعاظم نفوذ الفصائل الارهابية المسلحة. فاليمين الاسرائيل يرى نفسه في صراع طويل الأمد في الملعب السوري تارة ضد النفوذ الإيراني، وتارة ضد النفوذ التركي، ثم ان اسرائيل تنظر إلى سوريا على أنها دولة غير متجانسة تشكلت عام 1920 بقرار الحلفاء في مؤتمر سان ريمو الذي تقاسموا فيه ارث الإمبراطورية العثمانية بعد انهيارها في الحرب العالمية الأولى. لذا فهي تسعى إلى تشجيع الأقليات في المطالبة بالعودة إلى ما قبل 1920، حتى تضمن تقسيم سوريا إلى مقاطعات عرقية وإثنية متصالحة مع تل ابيب.بضمنها إقامة دولة كردية متنافرة مع تركيا ومستفزة لإيران، وإقامة دولة درزية في الجنوب موالية لها. وبصرف النظر عن دعمها للفصائل الأرهابية فهي لن تسمح ببقائهم حتى لو حاول الجولاني تقمص شخصية الولد الوديع، فهو في نظرها (أرهابي) مسكون بافتعال الأزمات. .
من ناحية أخرى تسعى تركيا بكل قوتها نحو ملء الفراغ، وإعادة توحيد الدولة السورية تحت زعامتها، وانتهاز الظرف الراهن لتوسعة مياهها البحرية، والتوغل إلى حقول الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط. فهي تعلم تماما ان سوريا تنام على 200 مليار دولار من احتياطي النفط، ما يعادل 6.2 مليار برميل، وتنام ايضاً على 8.5 تريليون قدم مكعب من الغاز، ولديها خامس اكبر احتياطي فوسفات في العالم. وتصر تركيا دائما على موقفها الرافض لقيام دولة كردية، وهذا يعني ان تركيا تريد فرض الوصاية على سوريا. الأمر الذي يهدد امن اسرائيل. ويثير مخاوفها من عودة الإمبراطورية العثمانية إلى الظهور من جديد. . .
أما اللحظة الحرجة التي تهدد سوريا فسوف تأتي في التوقيت الذي يُعلن فيه عن الشروع بالمحاصصة وتقاسم المناصب والدرجات، حينئذ تكون الفرصة مؤاتية للتقسيم والتجزئة. .
اما المواطن السوري فهو لا يعلم بالمخططات التي تحاك وراء ظهره، ولا يدري انه أصبح فريسة سهلة لكل الطامعين، وربما يعيش الآن في مرحلة الغيبوبة الفكرية بعد تلقيه مؤثرات التخدير العقلي التي جعلته يعيش نشوة العودة إلى احضان الدولة الأموية. من دون ان يعلم انه اصبح مجرد كومبارس في مسرحية مأساوية سوف تسدل الستارة على فصلها الختامي في الأيام القادمة. .