حلم الاجيال – مدينة الفاو الاقتصادية
بقلم : قيصر الهاشمي المبرقع …
تكمن اهمية ميناء الفاو في موقع العراق الجغرافي الذي يمثل الحلقة البرية المنبسطة وسهلة التضاريس والمعالم والاقرب للربط بين اسيا والخليج مع قارة اوربا سواء كان عبر الجو او البر المتمثل بعبور الشاحنات والربط السككي والذي بدوره يعتبر الاسرع والاسهل والاكثر امناً بين وسائط النقل والاقل تكلفةً من حيث اجور النقل واجور التأمين على المسافرين والبضائع وكذلك من اكثر وسائط النقل القادرة على نقل حمولات بنقلة واحدة
وايظل تمثل الخطوط الملاحية الجوية ذات الاهمية والميزة لانها توفر مدة زمنية تصل من 30-20 دقيقة كأختصار للرحلات الجوية بين اوربا والخليج وكذلك بين دول بعض دول القوقاز وايران مع قارة افريقا الامر الذي يفسر اهمية العراق الاقتصادية والسياسية وارتباط تاريخه باحداث عسكرية وسياسية واطماع دولية واقليمية وكانت جميع اطراف هذه الاحداث بينها عامل مشترك هو الربط اللوجستي عبر وسائط النقل المتعددة بين العراق واوربا لادامة سلاسل النقل والامداد العسكري والتجاري وكان لميناء الفاو والربط السككي الحصة الاكبر للاهتمام والتخطيط والذي لا يقل اهمية عن نفط العراق وموارده الطبيعية لدى اطراف الاحداث التاريخية والمعاصرة
ولا يمكن عزل اهمية واستراتيجية ميناء الفاو عن الربط السككي لانهما يكملان بعضهما الاخر في اهمية هذا المشروع الذي يمثل حلقة الوصل الاكثر اهمية في طريق الحرير او اي طريق اخر منافس له
والحديث عن العدول الى طريق اخر عبر ايران او سوريا ما هو الا تلويح فقط ومشروع صعب التنفيذ لاسباب طبيعية بسبب الجبال والتضاريس الوعرة لتلك الدولتين وطول المسافة التي ينبغي ان تحقق الهدف المرجو
والتي قد تصل الى 4 اضعاف مثيلتها في العراق مما يعدم الجدوى الاقتصادية للمشروع في حال الذهاب الى خيار سوريا وايران وقد لا اكون مبالغاً اذا وصفته بالخيار المستحيل
اما فيما يخص الربط السككي مع دول الجوار فهو مهم للمشروع ولكن ينبغي ان يتم اتخاذه كوسيلة وورقة ضاغطة على الدول الراغبة بالربط السككي والصين وامريكا للحصول على امتيازات اقتصادية وامنية واعادة النظر بترسيم الحدود البرية والبحرية والحصص المائية والحقوق العراقية في ابار النفط المشتركة لان الربط السككي مع دول الجوار فيه منفعة لتلك الدول اكثر من فائدته للعراق حيث ستقتصر منفعة العراق على إيرادات الترانزيت فقط مع التزام العراق بتوفير حماية امنية للبضائع المارة داخل الاراضي العراقية والبنى التحتية لخطوط السكك الحديدية وكل ما يتعلق بها من اجراءات السلامة الدولية القياسية
وان الضغوطات التي يتعرض لها العراق لغرض الربط السككي حالياً رغم عدم وجود بنى تحتية سككية حالياً ما هو الا خطوات استباقية لدول الجوار للحصول على الربط السككي في موضع قوتهم وضعف الموضع العراقي وبالتالي عدم امكانية طلب امتيازات تتناسب مع حجم الموضوع الامر الذي يتطلب تضمين اتفاقيات الربط السككي شروط وفقرات واضحة ورصينة وفقرة هامة وثابتة بعدم منح الاعفاءات المالية والضمانات الامنية من العمليات الارهابية الدولية
وكذلك تحديد نوع الترانزيت هل هو ترانزيت نقل المسافرين ام نقل البضائع ام كلاهما
وكذلك ينبغي وضع تعرفة عالية جداً للترانزيت السككي مع وضع تعرفة معتدلة لنقل البضائع من ميناء الفاو الى باقي امصار العالم لضمان إستقطاب الحمولات البحرية لترسوا في ميناء الفاو وتكون اجور الرسو والتفريغ والتحميل في ميناء الفاو معتدلة مع خدمات مينائية وبحرية عالية المستوى وبتكنولوجيا متقدمة لكي لا يكون الربط السككي مع دول الجوار سبباً في افراغ ميناء الفاو من قيمته لوجود بنى تحتية واسبقية لدول الجوار في مجال الخدمات البحرية والمينائية تفوق مثيلتها في العراق للاسف
وحسب تقديري المتواضع اقترح عدم الدخول في اي مشروع ربط سككي حالياً لحين اكمال مشروع بناء ميناء الفاو ومطالبة الدول الراغبة بالربط السككي بتكفل بناء الخطوط السككية من حدودها الى الوجهات الراغبة في الوصول اليها او المساهمة فيها وحسب المعايير الدولية القياسية مع ضرورة ان يكون البناء السككي بطريقة خطوط الذهاب والاياب مع التخطيط لمد انابيب موازية للخطوط السككية لتصدير الغاز والنفط لدخول السوق الاوربية لامدادات الطاقة حيث توجد امكانية وصولها براً الى برلين
اما فيما يخص طريقة احالة عقد مشروع ميناء الفاو بطريقة التجزئة وليس بطريقة تسليم مفتاح بعض النطر عن الجهة الطريقة التي احيل الميناء لها لغرض التنفيذ فحسب تقديري البسيط فيها تقزيم وتشتيت للمشروع فالمشروع لا يتمثل ببناء ارصفة فقط وانما خدمات المناولة والارشاد والادارة الالكترونية والجباية الإلكترونية والمدينة الاقتصادية والمدينة الصناعية والطبية والرياضية والاولمبية والمطار الدولي والمدينة السياحية والنفطية
والتي ينبغي ان ترتبط جميعها بنظام الكتروني ذكي موحد واذا ما اجزء المشروع بهذه الطريقة ذهبت قيمته وستظهر مشاكل تقنية كبيرة بالتصميم والتنفيذ والادارة المستقبلة وقد نشهد تعارض بين مفاصل المشروع مستقبلاً وضعف في التنسيق واجراءات الحوكمة والرقابة والجباية والسلامة العامة
وكان يفترض الحرص والسعي لاحالة المشروع بالكامل بغض النظر عن الجهة المحال اليها
واما التبرير بمشاكل التمويل فهنالك عدة طرق لايجاد التمويل دون الحاجة للاقتراض منها على سبيل المثال الدخول في شراكة مع وزارة النفط والاعلان عن جولات تراخيص لاستخراج النفط والغاز في شبه جزيرة الفاو والسواحل البحرية وتخصيص ايراداتها لتمويل المشروع بالكامل
(مشروع مدينة الفاو الاقتصادية)
والتي تبلغ الكلفة التخمينية لانشاء هذا الصرح العملاق 8-10 مليار دولار ينجز على مدى 5 سنوات او اكثر بقليل
من ضمنها مصافي نفطية عملاقة وشركة تصدير الغاز الطبيعي وكذلك يتطلب الامر كما اقترحته سابقاً للحكومة عام 2017 بأن يتم انشاء تشكيل اداري جديد تحت مسمى الهيأة العامة او الشركة العامة لمدينة الفاو الاقتصادية يرأسها موظف بدرجة مدير عام او وكيل وزير ولها مجلس ادارة وقانون خاص باعتبار ان المشروع سيساهم في تغيير الخارطة الجيواقتصادية والجيوامنية والسياسية للمنطقة والعراق وسيكون منطلق علاقات سياسة ايجابية محورية مع كافة دول الجوار والعالم لارتباط المصالح الاقتصادية بالمصالح السياسية والامنية ووثاقتها وكذلك يمكن تمويل المشروع من خلال الشراكة مع الكويت وتاسيس الشركة العراقية الكويتية الاقتصادية
وجعل مينائي مبارك وميناء الفاو
مشروع اقتصادي واحد متكامل
بتمويل كويتي بدون فوائد مقابل الشراكة والربط السككي وتكون نسبة العراق 60% لما يتمتع به العراق من ميزة الربط السككي وامتلاكه له رغم انني ارجح الشراكة مع وزارتي النفط والنقل على الشراكة مع اي دولة اخرى مع ملاحظة ان المبلغ السنوي الذي يتوجب رصده لا يزيد عن مليار دولار واحد فقط سنوياً ويمكن توفير هذا المبلغ من خلال ضبط ايرادات المنافذ الحدودية ودقة جباية الرسوم والكمارك والضرائب والمبالغة في اسعار استيراد السلع الخدمية والادوية والهدر بالمال العام والفساد المالي والاداري والخروقات الامنية التي تسبب اضرار اقتصادية مع ملاحظة قرب انتهاء وتسديد الديون والتعويضات الكويتية المفروضة على العراق بسبب اجتياح نظام صدام لها في اب عام 1990 الامر الذي يمكن تحويل مبلغ التعويضات الى تمويل المشروع
واتمنى ان يكون الربط السككي مع دول الجوار احد اسباب استعادة حقوقنا في شط العرب وروافده المائية واستعادة جزء من حدودنا البحرية والملاحية والبرية التي سلبت في اتفاقية خيمة صفوان او بسبب الهفوات ان وجدت والتي صاحبت ترسيم الحدود مع الكويت بعد عام 2003 لاسباب تقصيرية متعمدة او قصور في المعرفة