الحقيقة والنقد — الحلقة الثامنة عشر —
بقلم : حسن المياح …
الله سبحانه وتعالى خلق كل مخلوقاته على أساس الخير ، وأن أصل الوجود هو الخير ، وفطرة الإنسان خلقت على الخير ، وما ينزل من الله سبحانه وتعالى إلا الخير …. والإنسان الذي خلق مختارآ هو الذي يحسن السلوك ، أو يقبحه ويحرفه ، والفطرة الخير الطيبة لما تبقى نظيفة نشيطة عاملة ، فإنها لا تنتج إلا خيرآ ، ولذلك يولد الإنسان على الفطرة ورقة بيضاء ، والإنسان أما يبقيها على نظافتها ولونها الأبيض ويلطفها ويزينها بفاضل وصالح أعماله …. ، وأما أنه يلوثها بقبيح ما يفعل ، وسيء ما يعمل ، فيعلوها الركام والصدأ ، وتغبشها الأتربة والغبار والضباب الذي يحجبها عن ممارسة إرشاد هديها ، وتوجيه صاحبها الى الصلاح وعمل الخير ، لأن النظيف لا يقبل إلا النظيف ليبقى على نظافته ونصاعته وإشراقته …. ولكن غالبآ ما يسيء الناس التصرف ويحرف سلوكه الصالح ، فإن الفطرة تتكدر ، ويركم عليها درن الأعمال والأفعال السيئة المنحرفة الفاسدة الخبيثة ، فتحجب ، وتتعطل من أداء فعلها ، وتعدم من إغداق صالح نتاج وجودها الصالح المثمر ، والإنسان الفاسد المنحرف هو المعطلها ، واللاغيها ….. ورغم كل هذا ، أن الله الخالق المالك ، الرؤوف الرحيم ، يقبل من الإنسان التوبة على أن يصلح الأوبة ، ويرجع الى ما تدعوه اليه الفطرة من العمل الصالح والسلوك الحسن النظيف المنتج خيرآ والمؤدي الى الصلاح والسعادة ……. وهكذا إنتفضت وآبت صديقتنا الحبيبة الراقصة سونية سليم العابثة الى فطرتها التي خلقت عليها أول خلقها ووجودها ، بما في فطرتها الخيرة من حركية نشاط فعل صلاح وثمار عمل خير ، فأنها حركت عقل ومشاعر سونية الراقصة الى أن تتخلى عن فعلها العاهر السيء ، وأنها مغادرته بلا رجعة ، وتتوب وتؤوب وتستغفر الله سبحانه وتعالى ، وتكفر عن سيئاتها بما تقوم به من نية سليمة وعمل صالح ، وأنها جندت نفسها الى بناء دار للأيتام كمأوى لهم ودار سكن ، وأن هؤلاء الأيتام — كما تقول سونية الفنانة الممثلة التائبة توبة نصوح — هم من يحملون جنازتها ، وفاءآ لعطائها الخير المثمر ، وأنها قد تبنتهم أطفالآ وأولادآ لها ، وقامت بإعالتهم ومعيشتهم ، وأنه عمل صالح ، أكيد ، ولا بد أن الله سبحانه وتعالى ينظر اليه واليها بعين رحمته ، ويغفر سيئاتها بواسع رحمته ، بما قدمته من توبة نصوحآ ، وما قامت به من عمل صالح خالد ، صدقة جارية ، تكثر الحسنات ، وتقلل عنها وتمحو السيئات بأمر من الله سبحانه وتعالى الرب الغفور الرحيم ……
والسياسي المسؤول الفاسد مجرم جلد ، منحرف صلب ، لا يركن الى صفاء عقله تفكيرآ برجوع الى توبة أو رحمة ، لأن فطرته قد لوثها بلوث سافل ما يقوم به من تفكير وعمل ، وبرديء سلوك وهبوط ومنخفض خلق وضيع منحرف مجرم ظالم سفيه رذيل ، وأنه الدكتاتور الطاغية المشرك الذي لا يعتقد بتوبة ، ولا يؤمن برجوع وأوبة ونوبة ، ولا في قاموسه من مفردات كلمات خير وسلوك نبيل رفيع ، ولا فيه مصطلحات تشير الى العمل الصالح صفة أو نعتآ ، أو أنه واحد من الخيارات التي يمكن أن يعمل على أساسها ، أو يزاولها إنتهاج طريق صلاح …. والذي خبث لا يخرج إلا نكدآ …..
السياسي المسؤول الفاسد ، الطاغية المجرم المتفرد ، مهموم ومهووس في الطغيان والنهب ، ومستفرد بالإستئثار والفرعنة والسرقات ، وأنه الجهول السفيه الوضيع الأحمق …. وفطرته مطمورة راكسة بركام جاهلي يلغي عقله من التفكير بصالح الأعمال ، وأنها ملبدة بكثيف لوث ما يقوم به من إجرام سافل ، وما يسلكه من فعل ظلم وإنتقام …. ، فهي ” أي الفطرة ” على الدوام مغطاة راقدة ، محجوبة راكدة ، والسياسي المسؤول الفاسد هو المجمدها على هذا الحال ، لأنه يمقت صالح الأعمال ، وأنه يميل ويهوى طالحها ، وهو الشغوف الملهوف شراهة على ظلم الشعب ونهب ثرواته ، وأنه الظالم لنفسه بما يتخمها من مال سحت حرام منهوب مسروق مسلوب من الشعب ولا حق له فيه ، وظالم للشعب لأنه يحرمه لقمة عيشه وأطفاله ، وأنه يجوعهم من خلال منعهم ومن عدم تسليم عطاء إستحقاقهم ، وأنه ( السياسي المسؤول الفاسد الظالم المجرم الناهب السارق ، وخصوصآ إذا كان مجربآ ومعروفآ بفساده وظلمه وعنترياته ولؤمه وحقارته وحنقه وغلظته وسفهه ومروقه عن العدل وإنحرافه عن خط الإستقامة ، بما هو عليه من تجربة ، وما له من ممارسات ) يظهر نفسه كالممثل لقصة وفلم البطل ( روبن هود ) الذي يسرق من الناس ، ويتصدق مما يسرق على الفقراء ،على أنها رجولة منه وشهامة ، وشجاعة وبطولة …… وأنه ( السياسي المسؤول الفاسد …. ) يعيش شهرة وسمعة سلوك صعلكة الشاعر الجاهلي تأبط شر ، والشاعر الصعلوك الحرامي العداء الشجاع المتهور السليك بن السلكة ، اللذين يشعران أنهما بسطوهما المسلح القاتل سرقة الناس ، أنها مروءة وشجاعة وبسالة …..
وهكذا يتشبه سقط أشباه الرجال بالرجال ، وهم اللارجال ، ولا هم يقرنون الى ما هو أدنى من الرجولة والبسالة بدرجات سفول وإنخفاض ، لأنهم لا رجال ، ولا هم يقربون الى الشجاعة والبسالة بمقدار جزء الواحد من المليار درجة تشابه أو تقارب أو إقتران …. ويقول أنا السياسي المسؤول المكلف المنتخب الناجح النزيه العامل الخادم …. وهو الصادق الصحيح فيما وصف نفسه وعبر عنها نعوت وصف دقيق مضبوط فهيم عليم …..
وفي الحلقة القادمة سنبين صدق ما وصف به نفسه السياسي المسؤول الفاسد المجرم السارق من أوصاف ( السياسي .. المسؤول ..المكلف ..المنتخب .. الناجح .. النزيه .. العامل .. الخادم .. وربما الى ما هو أكثر وأكبر ) ….
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
حسن المياح – البصرة ،