القضاء الحصن الأخير
بقلم : هادي جلو مرعي …
حسم القضاء في بلدان عدة، وعبر عقود من الزمن قضايا شغلت العالم، وكانت مثار حديث طويل، وتغطية إعلامية واسعة لأهميتها وخطورتها على المجتمع والإقتصاد، وكانت قضايا المافيا والمحاكمات الشهيرة لزعامات كبرى نشرت الرعب والفوضى والفساد في القارة العجوز أثبتت قوة وإرادة القضاة الذين لاحقوا تلك العصابات، وقدموا تضحيات جسيمة، وتعرضوا للتهديد والتخويف، ولكنهم لم يتراجعوا، ومثل ذلك حدث في بلدان عدة من العالم حيث حفل سجل القضاء بمختلف القضايا والأحكام التاريخية التي مثلت مدونات في غاية الأهمية، وصارت مرجعا مهما في دوائر العدالة والقضاء والمؤسسات التشريعية، وعليها تبنى أحكام وأفكار ومواقف وقرارات.
القضاء في العراق واجه تحديات إستثنائية فقد تحمل أن يكون المكان الأخير الذي يلجأ آليه المتخاصمون والقوى السياسية وفي دوائر الدولة المختلفة وفي نزاعات الملكية وإستعادة الحقوق والملكيات ومتابعة قضايا الفساد، عدا عن القضايا التي تعرض في المحاكم، واقسام الشرطة كل يوم، وتتطلب جهدا إستثنائيا لامتيل له، مع مايواجه ذلك من صعوبات تتعلق برفض البعض القبول بالخسارة، وبالأحكام، ويظن أن الحق له في أي منازعة يخوضها، ولايجوز تغيير ذلك، ولابد من الحكم لصالحه ودون تردد، وكأنه يملك صكوك الغفران، بينما غيره متهمون لابراءة لهم.
شهدت المرحلة الماضية تحولات كبيرة في ملف المواجهة مع الفساد، وقد مارس القضاء العراقي دوره، ولم يكن طرفا، بل حكما عدلا وهو مازاد من الثقة بقدرته على كبح جماح الجهات التي تسعى الى عرقلة العدالة التي تمكن المجتمع من العيش، وممارسة حياته بشكل طبيعي ومستقر، وربما كانت حالات الإحباط سببا في معاناة الناس، وسعيهم الى التغيير الكامل، وكلما شعر المجتمع باليأس وجدنا إن القضاء العراقي كان هو صانع الأمل، وحين شعرنا لفترة إن المفسدين أقوياء، ولن يسقطوا، وهم أصحاب الدور الأكبر في توجيه الأحداث، وإن أحدا لايستطيع تجاوزهم مطلقا وجدنا ان القضاء العراقي تمكن منهم، ووضعهم في الموضع الذي يستحقون بعد ان أفسدوا في الأرض، و