الداء والدواء والنهب المُشاع
بقلم : كاظم فنجان الحمامي ….
يدفع المرضى في العراق فواتير غياب الرقيب، ويدفعون فواتير غياب الضمير، خصوصا بعدما التحق بعض الاطباء بحلبات السيرك العلاجي، الذي بدأت عروضه الأولى عندما لجأ المتاجرون بالأدوية إلى بناء أو استئجار عمارات واسعة وجميلة في مناطق راقية، وكل عمارة مؤلفة من عدة طوابق، ومجهزة بأحدث الخدمات، ومقسمة الى عشرات العيادات والصالات الفارهة المؤثثة، ثم وضعوها بلا مقابل تحت تصرف بعض الأطباء، ومن دون ان يضطر الطبيب لدفع فلساً واحداً، فالكهرباء والحراسات مجانية، وأجور النظافة مدفوعة الثمن، مقابل ان يتولى الطبيب توجيه مرضاه لشراء الدواء من صيدلية صاحب العمارة، التي تحتل الطابق الأرضي، فيبيع لهم ادويته بأضعاف قيمتها المُعلنة في الصيدليات الاخرى غير المرتبطة بالعمارات الاحتكارية. وبالتالي فان المريض المگرود هو الذي يدفع كل الفواتير، وهو الذي يتحمل كل النفقات والتكاليف من دون ان يدري. .
وقد استقطبت العمارات العلاجية معظم كبار الاطباء الذين أغرتهم العروض السخية، فغادروا مواقعهم القديمة، الأمر الذي ادى إلى إفلاس بعض أصحاب العقارات، وإفلاس الكثير من الصيدليات الرصينة التي لم تلتحق بهذا السيرك. .
ولسنا مغالين اذا قلنا ان اللوبيات الدوائية منتشرة الآن في معظم المحافظات، وتتاجر كلها بآلام الناس وأوجاعهم. .
ومن نافلة القول نذكر ان احد المتاجرين في البصرة لديه صيدلية، يبيع فيها الدواء بأسعار مخفضة، ويحظى بدعم الناس وتأييدهم له، لكن هذا المتاجر نفسه يمتلك صيدلية أخرى في عمارة من تلك العمارات العلاجية الشاملة (السوبر) حيث يبيع فيها الدواء بأسعار خيالية تفوق كل التصورات. .
ختاما نقف احتراما وتقديرا لأصحاب الصيدليات الداعمة للفقراء، والذين لم يتخلوا عن التزاماتهم الأخلاقية والمهنية. وسوف نحدثكم في مقالة لاحقة عن سيرك علاجي آخر، لا يخطر على بال الجن الأزرق. لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: أين وزارة الصحة ؟، واين تشكيلاتها الرقابية المنتشرة في المحافظات ؟، واين المنظمات الإنسانية ؟. .
وللحديث بقية. .