[ هل خلطة العطار مصطلح سياسي ]
بقلم : حسن المياح …
همهمات مزكوم أصابته هسترية رشح هلوسات يظنها شفاءآ وإستسقاءآ من عطش ، فيجري وراء السراب ظانه ماءآ يروي عطشه ، ويبرد أعصابه ، ويستقره ويرضيه سلوك صحة وشفاء …. فإذا سعى اليه ، وإقترب منه ، ووصله ، لم يجده شيئآ …… لأنه سراب ….. والسراب لا يغني عن الماء إرواء عطشان ….
إذا طهرت الرئاسات الثلاث ، والوزارات أجمع ، وكل المديريات العامة ، من تكليف فاسد يتسنمها ويرأسها مسؤولية أمانة قيادة ، وضرورة إدارة ، وحسن تصرف … ، ولم تتدخل الأحزاب والتيارات والتكتلات الحزبية السياسية في شؤون قيادة وإدارة تلك المؤسسات الحكومية والمسؤوليات ، فيحق أن نقول عن تلك الحكومة ، أنها الحكومة الوطنية الصالحة ، الذي همها إحقاق الحق ، وإبطال الباطل ، ودفع الفساد ومحاربته والقضاء عليه كليآ ، وشلعه من الأساس ، وقلعه من الجذور ، ونسفه مما هو مرتكز عليه قوة صلابة وجود وتأثير موج ……
والفساد لا يقضى عليه بفساد مثله تأثيرآ مع إختلاف في بعض الوسيلة ؛ وإنما هذا هو تكريس للفساد ، وتأصيله ، وتقويته ، وإستفحاله ….. ولا يقضى على الفساد بالشعارات والتمويهات والكصكوصات والأوامر الصادرة من القيادات ، وما الى ذلك من تهوكات وتوكئات وإعتمادات …. ؛ وإنما بالفعل الحازم الجازم ، والممارسة المؤمنة الوطنية العزومة على ترسيخ الحق بعد قلع الباطل …. والأرص السبخة علاجها بالقلب والحرث وتغيير التراب وما يستعمل فيها من أسمدة …. وإلا فهي الباقية أرضآ ملحة باسرة يبابآ ، لا يتأمل منها نتاجآ طيبآ صالحآ ، ولا عطاء مثمرآ يانعآ …….
ولا ننسى أن خلطة العطار هي عملية جمع وتركيب مواد عشبية يرجى منها أن تكون دواءآ للداء والأمراض ، وإذا فشل خلط العطار دواءآ ، فآنه لا يضر ، وليس له ولا فيه مضاعفات ؛ ولكنه لا يصلح علاجآ لمرض ، ولا دواءآ لداء …… ؛ وإنما يستخدمه العطار تمشية حال ، كما هي حكومة تصريف الأعمال التي لا تصلح دواءآ ولا عقارآ ولا علاجآ ؛ ولكنها تستخدم من عطار فاسد همه النهب والسلب بيافطة وشعار تمشية الحال …… وهذا ما هو كائن وجار ، وما هو مستمر في التكوين والإستمرار ……
فمصطلح《 خلطة عطار 》 لم تكن في موقعها ، ولا صحة لنعتها على حال واقع العملية السياسية ، وتطبيقها …. لأن العطارين السياسيين المتنفذين هم أشرار فاسدون دجالون مجرمون ناهبون ، همهم كسب المال من سحت حرام ؛ وليس مقابل أجر على منفعة ، كما يقول الإقتصاديون ، وخصوصآ في الإقتصاد الإسلامي ، ولا علاقة لهم بالحال ، ولا بمصير من هم تحملوا مسؤولية تطبيبه وعلاجه وشفاءه ….. بل هم زادوه مرضآ على مرضه ، وعلة عليلة عالة شديدة فوق علته المعلولة التي علته وأمرضته …….
العطار في وضعه الإعتيادي الطبيعي أنه بائع سلع أعشاب معلومة معروفة ، مكشوفة واضحة ، وينحو نحو الربح التجاري الصحيح المشروع ، بإعتبار أن بيعه وربحه مقابل منفعة متأملة ، وسلعة هو مشتريها ليبيعها ، ليحصل من خلال عملية البيع على قيمة تكاليف السلعة وعلى ربح معقول مشروع ، لما يقوم به من سعي وبذل جهد حلال …. ولا علاقة للفساد والنهب والسلب في عمل العطار ، ولا في كيفية تحضير وتجهيز وخلط الأعشاب من تقصير أو أذى أو تدمير …… فالعطار مأمول فيه الخير الطبيعي ، والتغيير نحو الأحسن والأشفى والأصح والأفضل ، والصلاح ، سلوكآ وهدفآ وغاية …. ولايضمر في قلبه عطار الأعشاب غشآ أو مخادعة ، ولا عدوانآ ولا نهبآ ، ولا فسادآ ولا إنتقامآ ، ولا نهبآ ولا سلبآ ، ولا إستئثارآ ذاتيآ وحزبيآ ولا شوشرة حاقدة مجرمة ولا دغلآ ، كما هو السياسي الفاسد الذي يترأس تكليف مسؤولية في مواقع رئاسية ، ومهمة وضرورية الصلاح والإصلاح والإستقامة ، ويخون التكليف والأمانة ، وينحو نحو الصعلكة بالمفهوم الجاهلي القائمة على الإغارة والإستحواذ ، من أجل السرقة والنهب والسلب ، وختى إذا تطلب الأمر القتل والبلطجة المنتقمة ….. ولا تقولوا عن هذه الفعلة في تشكيل الحكومة أنها 《 حكومة أغلبية وطنية 》 بإعتبار أنها تجمع شتات متنافرات على أنها مكونات مجتمع ووطن ، ومتفرقات مختلفات إتجاهات وتوجهات ، وعزل بوصف لا مقبولات ولا مرادات وكأن الجرب أصابها ….. وما دروا أنهم كلهم مصابون بالجرب من حيث يعلمون ، ولا يعلمون ….. وجربهم هو فسادهم ، وتدميرهم ، وعمالتهم ، وخيانتهم ، وتبعيتهم للأجنبي ، وإستعبادهم ، ورضوخهم للمحتل ، ومصادقتهم للبغي ، وصحبتهم للفساد أينما كان ، وأينما يكون ويحل …..
لذلك …. يا ليت تشكيل حكوماتكم كلها على الأقل هي ، أو تشبه ، خلطة وخبطة وتجميع العطار للمواد العشبية ، ليجعل منها علاجآ شافيآ ، ودواءآ يجتث المرض ويشلعه ويقلعه وينسفه ويجعله هباءآ متلاشيآ طائرآ في المستنقعات منتشرآ ……
وخلطة العطار أقل ضررآ من غلطة الطبيب إذا فشل في التشخيص ، وخصص دواءأ علاجآ يميت المريض ، أو قل على الأقل أنه يفسد حاله ويرديه معلولآ مريضآ متوجعآ مألومآ أكثر مما كان هو في حالة مرضه الأول وعلته التي أصابته إبتداءآ ….. لأنه ، عله يجد الطبيب الصالح الذي يطببه ويعالجه ويشفيه …. وما التطبيب والعلاج والشفاء إلا من الله سبحانه وتعالى ، وتوفيقه وإلهامه للطبيب الوطني الصالح …..
فبطلوا تسويق مصطلحات عصف جاهلي مستهلك متراكم ممروض ، معلول مركوم ، مزكوم الصنمية بنكهة وثينة ، على أنها قيادة وزعامة ، وإمامة ورئاسة ، ومسؤولية وتصدي ، وعلم سياسة وممارسة موج تغيير إجتماعي ، وما الى ذلك من وثنيات تسطير كلمات غريبة سمجة لا لياقة فيها أو تشم منها عطرآ يقترب من السياسة وعلمها وفنها ، أو من الوعي الفكري للنهوض والتحضر والمدنية ……
كفى للصنمية أن تكون هي الحاكمة طغيانآ لمديات طويلة من سنين العمر والزمان …. فإنها طامة التخلف والجاهلية والتقوقع على ممارسة الفساد والكفر والنفاق ….. بروح صعلكة جاهلية ، ونكهة جهل مطبق لرجعية وتقهقر ، وجمود عقل وموت ضمير ، وشلل إرادة واعية ومكوث في المستنقعات الجيفة الآسنة …..
حسن المياح – البصرة .