كتاب : لماذا يكذب القادة ؟؟
بقلم : كاظم فنجان الحمامي …
دأب السياسيون على تزويق كلماتهم الخطابية بعبارات منمقة، وأحاديث مصاغة بمهارة لغوية تحقق مآربهم وتلبي أغراضهم، فتأتي تصريحاتهم المائعة بطريقة تحتمل عشرات التفسيرات، لكنها تترك انطباعات سلبية لدى عامة الناس، انطباعات توحي بأن قادتهم ليسوا دائماً صادقين. وهناك افتراض شائع مفاده أنه إذا كذب القادة على شعوبهم بانتظام، فمن المؤكد أنهم سيكذبون أيضاً على قادة الدول الأخرى الذين لا يستطيعون إنتقادهم وتوبيخهم. .
في كتابة الموسوم (why leaders lie) يثير البروفيسور جون ميرشايمر حزمة من التساؤلات المهمة، من مثل: هل الكذب شائع في أروقة السياسة الدولية ؟، لماذا يكذب الملوك والرؤساء والوزراء وقادة الجيش على بعضهم البعض ؟، وهل أكاذيبهم لصالح الأمة أم ضدها ؟، وهل يتعين علينا أن نصفق لهم إذا كانت أكاذيبهم تصب في مصلحة الشعب ؟، فبالنظر إلى طبيعة النظام الدولي الذي يفتقر إلى حكومة عالمية تعنى بتنظيم سلوك قادة الدول، فإن هذه التساؤلات تبقى مرهونة بالعلاقات الدولية. فعلى الرغم من صحتها إلى حد بعيد، فان نتائجها وتداعياتها تكون دائما كبيرة ومؤثرة. .
لقد عثر المؤلف على منشورات محدودة التداول حول الكذب المستشري بين البلدان. فسارع لجمعها وتحليلها في كتابه الموسوم (لماذا يكذب القادة ؟)، ليس من أجل إعداد مجلدات موثوقة حول تطور الأكاذيب الدولية بكل تفرعاتها، وإنما لتهذيب وتطوير الهياكل التحليلية تمهيداً لمزيد من البحوث المعمقة حول هذا الموضوع في العلوم السياسية. .
يتضمن الكتاب مناقشة الكذب والنظرية العامة (العلاقات غير الدولية) حول الكذب. ويحدد المؤلف الأنواع المختلفة للخداع، بما في ذلك الإدلاء ببيانات كاذبة لإرغام الآخرين على التصديق، باختلاق قصة تعتمد على الحقائق التي يوظفها القادة لترويج اكاذيبهم، وهناك حالات متكررة لمثل هذا السلوك في الحياة اليومية ، ويمكن استخدام مثل هذه التكتيكات لأغراض سياسية ذات مصلحة ذاتية. .
تقتصر أمثلة المؤلف على الحالات التي جاء فيها الخداع لأغراض استراتيجية من أجل تعزيز المصلحة العامة للدولة. .
يقدم المؤلف تصنيفاً لسبعة أنواع مختلفة من الأكاذيب في الشؤون الدولية: الأكاذيب التي تُقال للحصول على ميزة أو حرمان دولة أخرى من ميزة (أكاذيب بين الدول)، وأكاذيب قيلت لتضخيم التهديد لدفع الجمهور إلى فهم التهديد (الترويج للخوف)، وإخفاء المعلومات عن جماهيرهم والدول الأخرى التي يمكن أن تلحق الضرر بأمة (التستر الاستراتيجي). تشمل الأكاذيب الأخرى الكذب حول ماضي بلد ما لتلفيق قصة إيجابية عن بلد ما (أساطير قومية)؛ ونسب الأفعال بشكل مخادع إلى الإخلاص للمعايير الليبرالية أو الإنسانية (الأكاذيب الليبرالية). والترويج لمصالح دولة أو مجموعة اجتماعية (الإمبريالية الاجتماعية)، والكذب لإخفاء السياسات أو الإخفاقات الفاشلة (التستر الوخيم). يستبعد المؤلف عمليات التستر الدنيئة والإمبريالية الاجتماعية، حيث يُقال إنها أكاذيب تفيد عناصر صغيرة من المجتمع، وليس الدولة بأكملها، وبالتالي فهي ليست أكاذيب استراتيجية. .
ويعالج المؤلف في الفصل الأخير من الكتاب الانعكاسات السلبية للكذب على الشؤون الدولية. .
ويؤكد في الخاتمة: أن القادة لا يكذبون كثيراً على البلدان الأخرى، وأن القادة الديمقراطيين هم في الواقع أكثر عرضة للكذب على شعوبهم. .