بلاويكم نيوز

د. مظهر محمد صالح: حرب العملات الناعمة: من البترودولار إلى البتروروبل

0

حبزبوز نيوز …

تمهيد: الميركنتالية المالية الأمريكية American financial mercantilism

مازالت الولايات المتحدة تتمتع بنفوذ مالي موروث منذ أن انتصرت في الحرب العالمية الثانية وأدت دورها بتأسيس نظام صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العام 1945 كمؤسسات مالية دولية متعددة الأطراف أو ما سمي باتفاقية بريتون وودز. إذ تم ربط النظام النقدي الدولي بالدولار الأمريكي وجعله عملة احتياطية دولية (معززة بالذهب) لسد احتياجات التبادل التجاري العالمي واستقرار أنظمة الصرف وثباتها جميعاً بعملة الدولار كعملة دولية قوية مستقرة مربوطة بالذهب وعلى أساس أن أونص الذهب الواحد يساوي 35 دولار أمريكي (والأونص يقارب 6 مثاقيل من عيار 24 بالمفاهيم السائدة في سوق الذهب العراقية).
عندما انبثق نظام صندوق النقد الدولي كان الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في ذلك الوقت يفوق نصف إجمالي الناتج العالمي. وبسبب عدم كفاية الذهب في مكونات الاحتياطي الأمريكي لمبادلته بالدولار عند الحاجة مع الأمم، اتخذت أمريكا قراراً في منتصف آب 1971 بإيقاف تحويل الدولار إلى الذهب وأبدت في الوقت نفسه استعدادها بمبادلة الدولار (الذي هو بحوزة البلدان) بالسلع والخدمات الأمريكية أو السندات الحكومية الأمريكية أو أية حقوق مسموح بحيازتها أو يسمح بتملكها داخل الولايات المتحدة نفسها.

وهكذا ظل الدولار حتى الساعة يهيمن على أكثر من 80% من عمليات التبادل التجاري العالمي والمبادلات الاقتصادية الدولية، ويهيمن كذلك بنحو يزيد على 60% من القروض المصرفية العالمية وأكثر من ثلث الاحتياطي الرسمي للدول.

وعلى الرغم من أن قيمة الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الإجمالي لا تتعدى في الوقت الحاضر 26% من الدخل أو الناتج العالمي، إلا أن الولايات المتحدة استمرت محافظة على مقاليد سيطرتها على نظام المدفوعات المالي الدولي وبفاعلية عالية مازال العالم يذعن لها. وبهذا أتاح النفوذ المالي للولايات المتحدة على العالم امتصاص إرباح وفوائض من اقتصاديات الدول الأخرى وبشكل فاعل، فقد أصبحت تدفقات العملة الأمريكية وتحويلها المستمر إلى استثمارات داخل أمريكا يوازي نفوذها التكنولوجي والعسكري في آن واحد. كما حل دور الطاقة والإمساك بالسياسة النفطية الدولية كقوة نفوذ مضاعفة ابتدأت فاعليتها بشكل اكبر منذ تعطيل نظام صندوق النقد الدولي وإشاعة سياسات تأميم النفط في سبعينيات القرن الماضي وتحرير أسعار النفط لتأخذ مستويات عالية تمكن من تزايد الطلب على الدولار وتغطية المدفوعات النفطية وقتها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط