حبزبوز نيوز …
يبذل مستشار الامن القومي العراقي قاسم الاعرجي، جهوداً كبيرة وواضحة منذ أمد ليس بالقصير من اجل التأسيس العلمي لمركز تفكير سياسي واستراتيجي حيوي، يمثل مركز التفكير وبؤرة صناعة القرارات ذات المدى الاستراتيجي والمؤثر في صناعة خيارات الدولة، في ظل تسطيح مستمر لشكل الدولة في العراق ما بعد 2003 ، واختزالها بشكل سلطوي مباشر، واستمرارها السلطة في تحويل المتداول في الفضاء العام او الاروقة السياسية اليومية الى فعل تنفيذي خالٍ من العمق، وليس له اثر بعيد في تشكيل منظومات الدولة المؤسساتية.
في العراق يمكن القول بضرسٍ قاطع ان اتباع سياق التأسيس للسلطة، وفصل الحكومة عن حاضنة الدولة، وتمييع شكل العلاقة بين صانع السياسات ومنفذها، يمكن ان يعزوه ابسط مراقب الى ما يمكن ان نسميه غياب عقل الدولة، ومؤسستها المفكرة، وبالتالي بقي الفعل السياسي محكوماً بردات الفعل الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية حتى تبدو كأنها صادرة عشوائياً، لا جذر لها في تربة التأسيس، ولا مديات ولا مقاييس لحساب رداتها.
هذه العشوائية والاعتباطية شكلت وتشكل ازمة بنيوية في نظامنا السياسي، ولهذا يمكن الإشارة الى ان قاسم الاعرجي يعمل منذ سنوات على بناء هذا العقل الاستراتيجي والتأسيس لمؤسسة حقيقية يمكنها ان تشكل راسماً مهماً ليترجم خطط البلاد، ويضع جدولة علمية لمشاكلها، ويزود صانع القرار الحكومي برؤية متكاملة عن واقع الحال، والضرورات الحاكمة، والآفاق المرتقبة.
ان مستشارية الامن القومي العراقي مشروع وطني فكري اصلاحي واعد، يمكن ان يتحول بجهود الاعرجي وفريقه الى اهم مؤسسة فاعلة في السنوات القادمة لتسهم في رفع حالة التذبذب والفوضوية التي عشناها فيما مضى من السنوات الأخيرة.
إذن فإن طموح ورؤى الأعرجي كما يتضح عبر ما متوفر عنه، وما يشتغل عليه، هو طموح ورؤى لبناء دولة عالية، مسورٌة ومحمية أمنياً عبر منظومة وآلية فكرية شفافة، وليست بوليسية خانقة، وهذا يعني أن الرجل لا يسعى ليكون زعيماً حاكماً أوحداً، بقدر ما يسعى ليكون عقلاً مساعداً في إدارة دولة ناضجة، متحضرة، متسامحة، لكنها إدارة صارمة.