بقلم : سرى العبيدي …
(وإن يقولوا تسمع لقولهم ) .. هذا تصوير القرآن للمخادعين الذين يبتزون الناس بكلماتهم المنمقة والمعسولة .. ترى أحدهم يخضع بالقول فيبدو ناعم الملمس. رقيق الحاشية فكأنه يقول شعرا .. أو يقول فعلا. وترى الآخر يقسم بالإيمان المغلظة حتى لاتشك لحظة أنه صادق. وترى ثالثا يبهرك بقدراته الوهمية المختلفة والمصطنعة. ومنازلاته الجبارة. ومناقبه وتجاربه الغنية .. ولعل رابعا يستشهد بالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة والحكم والمرويات. وهو يلوي أعناق النصوص ليبدوا في نظرك مقنعا لأنه لايأتي بالكلام من عنده .. إنه كلام مقدس لا يأتيه الباطل …
إنهم يعرفون من أين تؤكل الكتف .. وكيف ينفذون إلى قلوب المخدوعين من آذانهم. وقد قيل في وصفهم :(يد تسبح … ويد تذبح) !! وقيل أيضا :(كلام كالعسل وفعل كالاسل) والاسل هي الرماح والسيوف والسكاكين وكل حاد وقاطع.
شاعر جرب الخداع في القول وتجميل قصائدة بمساحيق الآقنعة كما مساحيق التجميل فكتوى بنار آقواله وآفعاله. يقال :
كثر الخداع اليوم في اقوالنا
فأنظر إلى من قال لا ماقيلا
البعض تشيطن حتى تعذر فرزه. إنه كالمادة التي فسدت وانتهت صلاحيتها. فأستبدل صاحبها (المخادع الغشاش ) تأريخ الصلاحية بتأريخ جديد ليوهمك أنها جديدة .. إنك لن تعرف الحقيقة حتى تجرب المادة وتتعرض إلى التسمم. وعندها تلفظها وترفضها بعد أن تكون دفعت ثمنها مرتين …
ليس أمامنا إلا التجربة والاختبار ! والا قولوا لي هل هناك من لم يتعرض لخداع مراوغ محتال أو متلون نصاب في ذلاقة لسانه وتلاعبه بالألفاظ وتغميسه كلماته بالحكم والآيات والإيمان …
نادرا جدا.
الفعل هو الذي يترجم القول فيصدقه أو يكذبه :(قل هاتوا برهانكم أن كنتم صادقين ) ؟! صادق أنت؟ .. هات اذا مايثبت لي بالدليل صدق قولك؟ أنا أظن بك ظنا. فكذب ظني بموقف يثبت لي صحة ماتقول!