لحظة أختفاء العراق
بقلم : هادي جلو مرعي …
كتبت من سنين: إن العراق مهدد بالجفاف، وحتى وقت قريب، وكلما واجهني صديق كاتب في منطقة الكرادة ذكرني ساخرا من سوء وإنحدار رأيي، وأشار الى كمية المياه الوافدة بكثرة الى العراق، وإحتمال حدوث فيضانات مدمرة، وقد حدث مثل هذا الفيضان في مراحل تاريخية بعيدة، وفي خلال سنين مرت، وعملت الحكومات العراقية على إنشاء سداد ترابية حول المدن والمنشآت الحيوية، وفتحت قنوات لتصريف المياه قبل وصول المد الى العاصمة، والى المدن الرئيسية.
توماس فريدمان نفعني في قضاء وقت طيب في رحلة برية عبر أراض دولة بعيدة، وكانت طويلة للغاية، وقرأت فيه مقالات مهمة للغاية، ولفت إنتباهي مقال عن إرتفاع درجات الحرارة في منطقة الخليج والعراق، وإحتمال جفاف الأنهار، وشح المياه والتصحر، وقد نصح بالتكاتف بين شعوب المنطقة لتجاوز المحنة، وربما فعلت دول في الخليج شيئا ما لمواجهة الكارثة المقبلة من خلال إجراءات عدة، ولعل الإجراء الإماراتي مهم جدا، ويتعلق بالتخلص من الطرق التقليدية في توفير الطاقة والمتطلبات الضرورية، بالإعتماد على الطاقة الشمسية،وهناك محاولات إستزراع وتثبيت للتربة، ومنع تجريف الأراضي الخضراء، وتقليل الإعتماد على مصادر الطاقة التقليدية.
وبينما تحذر تقارير دولية من كارثة تنتظر العراق قد تؤدي الى إختفائه عن وجه الكوكب الأزرق لم نجد أثرا لإجراءات فاعلة تقوم بها الحكومات العراقية المتعاقبة والمؤسسات الحكومية الأخرى لمواجهة التصحر والجفاف، وإحتمال إختفاء الأنهر الثلاثة المعروفة ( دجلة والفرات وديالى ) ولأن الله يقول (وجعلنا من الماء كل شيء حي) فالسؤال الصريح: ماذا لو جفت الأنهار، وشحت الأمطار، فهل ستبقى الحياة إن غاب سببها الذي جعله الله.
قد يصل الأمر الى أن يبدأ الناس بالإستعداد للرحيل عن العراق نحو الشمال، أو حتى الى القارات المكتشفة حديثا بعد ذوبان الثلوج في القطبين، وإمكانية توفر مساحات من الأراضي الصالحة للزراعة، مع وفرة في المياه، ودعوكم من حكايات المريخ الذي يشغل الكذابون به وسائل الإعلام بقصد التكسب، وضمان الحصول على المزيد من الأموال من الناس. فالسياسيون، والقادة الكبار منشغلون بالصراع بينهم، وكل يدعي الدفاع عن الحق، فماذا لو لم يعد (الحق) موجودا، وحيث يختفي العراق. فعلى ماذا تتعاركون وتتصارعون؟
السراق واللصوص والقتلة وأتباع المنظمات الدينية المتطرفة، والذين يبحثون عن الملذات والمتع الزائلة، والذين يعيشون على الأحقاد والضغائن ينتظرهم سؤال صعب عن الجدوى من صراع على فريسة تختفي من وجه الأرض؟