[ السياسة المستقيلة في عراق ما بعد ٢٠٠٣م ]
بقلم : حسن المياح …
إني أذيع عليكم مصطلحآ سياسيآ جديدآ فيما يخص السياسة وعالمها الحركي التنافسي الملهوب الملهوف ، اللهلوب اللعوب ، المتهارش المتصارع ، المتهالك المتعارك . في العراق ، وأنه إصطلاح واقعي ، معاش ، ومجرب ، ومعلن ، ومتفاخر به ، ونصيبه من الطاعة والتهليل ، ما شاءت له الشيطنة المكيافيلية الصعلوكية السياسية أن يكون له من نصيب ، وحصة ، ودرجة وثوق طاعة ، وتحقيق ….. وأن هذا المصطلح الذي له دوي فاعلية وقوع وتأثير ، وما له من بركان ترهيب ، وما يتصف به من غليان تخويف وتهديد ووعيد …. هو《 السياسة المستقيلة 》. وكل هذا الذي يجري … ، ويتسارع به ، ويؤكد عليه ، ويكون … ، هو من أجل إستئثار التفرد بالحاكمية نهبآ وعبثآ وإستئثار مجموعة ذوات — تدعي وتزعم أنها سياسية — متقوقعة متصعلكة ، وإن إنطوت على نوع هش بارد مزين مبرقع مزركش مستفيد من عناوين التوافق والتآلف والتكتل والإجتماع ، وكل هذه الأوصاف المتمكيجة ، المزينة المتلونة المتحوربة المتقلبة ، والنعوت المجملة المنمقة المزروقة ، أنها في حالة وجوس خيفة ، وعدم وثوق طرف من الآخر ، لأن ذئاب * الغابات الكثيفة * الجائعة العاوية متوحشة شرسة ، ناهبة خامطة مفترسة ، ولذلك هي لا تؤتمن ، ولا يمكن الركون والهدوء والثقة الى سلامتها ، المتمظهرة خداعآ منظرآ الى وداعتها ، لما هي تتحفز وتتهيآ للقفزة الناطة الطافرة الطائرة لإقتناص فريستها ، لما يكون هناك صيدآ سمينآ مهيئآ حاضرآ جاهزآ طازجآ ، وأن آصرة التجمع لكل هذه العناوين ( المفتعلة ) هي المحاصصة التي إياها يحاربون تصريحات قلقة ضاجة ملعلعة صاخبة قاضة فارغة مهلهلة كاذبة زائفة ، ويعملون عليها رهان تسابق خيل عربية أصيلة لما تتمتع به الخيول العربية الولادة والمنشأ والفحولة الأصيلة الطويلة الممتشقة القوام والشديدة السمت الرفيعة ، من همة وخفة وقوة وسرعة عدو وإستمرار وتواصل دبيب حثيث …. حتى تحقق الفوز ، وتكسب الرهان ……..
والسياسة المستقيلة هي نتيجة لمقدمة ومقدمات — كما هو الإستدلال المنطقي لما يتعامل به برهان تدليل ، وصحة قوة حجة ، للوصول الى النتيجة اليقينية الصادقة الصحيحة — ، ومقدماتها التي تتكون منها هي السياسي والمسؤول والنائب والحزبي ، والتخلي عن أداء التكليف والهروب من تحمل المسؤولية ، وإلغاء صون الأمانة وتجنب الحفاظ عليها ، وإقرار الطاعة المسلفنة المعدة الجاهزة ، وحضور التوقيع البرق السريع المأمور إستجابة فورية للإستقالة ، وما الى ذلك من تهيئات ومستلزمات عناوين إستقالة والتمهيد اليها ….. ولما تتحقق كل هذه المقدمات وجودآ نوعيآ وكميآ حاضرآ واقعآ جاهزآ ، مهيئآ مسبقآ ومعدآ قيد إنتظار إشارة ، أو إيعاز ، أو أمر ….. ، وتعلوها الطاعة الجاهلية الجهلاء غير المميزة وغير المدركة البكماء العمياء — إصطناع صنمية عبودية بشرية ، ووثنية كارزما عاطفة قيادة تورم وإنتفاخ وإنتفاش — التي لا تبقي ، والتي تنفي وتلغي وتنسف حرية سيادة قرار للذي يقدمها …… فأن النتيجة اليقينية الحاصلة من كل هذه المقدمات المكشوفة المتعددة المتنوعة الواضحة ، هي إستقالة السياسة عن مواصلة خوض غمارها في الحراك ، وأنها السياسة المتنازلة عن كل ما هو تنافس وسباق وتحاور وتوافق وإتفاق ومرونة تبادل رأي سياسي ، وأنها السياسة المستقيلة التي تحفر قبر كل شماعة يصول ويجول ، ويناكف وينازع ، ويحاور ويطالب ، من أجلها المسؤول ، والحزب ، والتجمع ، والتكتل ، والتآلف السياسي ، وما الى ذلك من تسميات رثة غثة غثاء ذباب منشطر متكاثر متناثر طائر ، وعناوين بالية إستهلاكية بالية مركونة نائمة متروكة مهملة لا يقيمون لها وزنآ ، من مثل ، مكون … ، وتحاصص ، أو قل توافق محاصصة … ، وقومية … ، ومذهبية … ، وجغرافية إنعزال وعزل وإنفراد وخصوصية تفرد محافظة … ، وكثرة مقاعد برلمانية لا تسمن ولا تغني من جوع كما هو حاصل للتيار الصدري من فوز في الإنتخابات بعدد الأصوات ، وبعدد المقاعد في البرلمان ، وهو له الحق وحده — أو أحب أن يتآلف مع من يريد — في تشكيل الحكومة ، الذي سد طريقها ، وقفل ، وأحتفظ بالمفتاح لحين تحقيق توزيع حصص ، وتأمين إمتيازات محاصصة ، وحفظ سلام وأمن المسؤول السياسي الفاسد الناهب الذي هو موضوع المساءلة … ؟؟؟ ….. ، وما الى ذلك من توسلات براجماتية مكيافيلية توظيف إستئثار منفعة ذات مسؤول ومصلحة حزب سياسي …..
والسياسة في العراق لما تستقيل ، وتتخلى عن فاعلية وجودها ، وتتنازل عما هو ثقل دفع زخمها المتحاور المرن ، ويصبح روجها وموجها وتيارها الجارف الشديد الفائر المندفع في عداد الملغى ، وغير المحترم ….. فعلى الصعلكة — ( أن تهب متورمة ، وتنزل الى الشارع منتفخة معربدة ، وأن تسوس الأمور إنتفاش مكيافيلية براجماة إستئثار منفعة ذات بلطجي حزبي لما ينهب ، ولما يسرق ، ولما يستهتر بمقدرات وكرامة كل من هو مواطن عراقي ، وكل ما هي ثروات وخيرات وكنوز وذخائر ومدخرات العراق والعراقيين ) — بمفهومها الجاهلي أن تكون هي السلطان الحاكم ، والقائد الناقم … ، وأن النظام فوضى ، وفي هرج ومرج ، وأن وضع العراق ، وحياة العراقيين في ظلمة حيص وبيص …..
هذا ما نعنى ، ونقصد ، بمصطلح 《 السياسة المستقيلة 》، والتي هي إستقالة كل ما هو عمل وفعل وحراك سياسي …. تمهيدآ لحاكمية سلطان الصعلكة الجاهلية المتبلطجة شرور قتل وإنتقام ، وتهديد ووعيد ، ونهب وإستئثار ، وإشاعة فوضى وإستهتار ، وترويج الرعب والإختطاف والسيب المنفلت والإنحلال ….. ويكون ، ويبقى العراق والعراقيين ما بين مستقيل ومقال ، وما بين تهجير وترحال ……… ولكن لا يدوم هذا الحال …… لأن للعراق والعراقيين ربآ رحيمآ رؤوفآ منتقمآ جبارآ ، يحميهم من كل قيل وقال ، ومن كل حيلة وإحتيال ، ومن كل مكيافيلية إنقطاع ، وبراجماتية إستئثار وصال وتواصل وإتصال ….
هذا وصف عام ، ونعت شامل ، لكل ما هي سياسة إنتحال … وإحتيال … ، وإدخال … ، وإحتلال ….
حسن المياح – البصرة .