بقلم .. سرى العبيدي طالبة دكتوراة ✍️🌹
بعد ان ظلت امه الممثلة السابقة في مشفى الامراض النفسية والعقلية لسنوات طويلة وبعد ان صار مشهورا وثريا بنى لها قصرا ضخما خارج المدينة وفيه خصص لها مساحات واسعة للتنزه وللخيول …. وللاستجمام والراحة
راح لها واخرجها بموكب رئاسي لافتتاح القصر كان ينتظر منها ابتسامة طفيفة لما فعله من اجلها بعد ان انتصر على الفقر والحاجة واراد ان يعوضها لحظة جنونها الاولى لكنها ظلت حزينة وهي تتجول في المساحات الهائلة للقصر
وبعد حين قالت له :
لقد فات الاوان حتى انهار شابلن وانهار معه القصر ولم يعد له مرة اخرى ابدا وعادت امه الى المشفى وظلت هناك حتى الابد صار شابلن اسطورة عصره وظل امله في تغيير العالم عبر افلامه وموضوعاته المبتكرة
لكن العالم ازداد عنفا وتوحشا وانقساما سقطت امبراطوريات وتبدلت طبيعة الصراعات الاممية وجاءت حروب وسقطت مدن …وتبدلت نظريات
وتغيرت اولويات العالم وحركية مجتمعاته بالاحرى تراجعت الرقة والعذوبة والشفافية والامل والرجاء والتسامح والعفو وتحسس الجمال والرحمة والمغفرة وقفز الى السطح التوحش الاجتماعي كمهيمن فرضته طبيعة التبدلات الاجتماعية الحادة وصار ملمحا جليا في البنية الاجتماعية العراقية حتى بالقياس الى السنوات الاولى لمابعد التغيير
واظن ان استعادة هذه الهبات والميزات الالهية والوضعية مثل الرقة والتسامح
والعفو والعذوبة وقبول الاخر (اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق )
وفي وضع كالذي نعيشه الان ونلمسه يوميا سيكون الاوان قد فات مثلما فات الاوان على المراة التي رمت طفليها في نهر دجلة واستحالة العودة في توبتها الى لحظة ماقبل الرمي لان المشهد ليس جزءا من فيلم سينمائي يمكن اعادة تصويره
انها لحظة خارج الفطرة البشرية …لحظة توحش صادمة سبقتها لحظات رمي اطفال على الطريق المؤدي الى الهروب من بلد الى اخر لئلا تكتشف امهاتهم من قبل حرس الحدود
بعد حين …..
سيكون التوحش الاجتماعي ظاهرة متفشية يمسك المرء سكينا حادا باليد اليمنى ويضع قدما على قدم وهو يتناول الايس كريم باليد اليسرى وبعد سنوات اخرى طويلة وقصيرة نتطلع للمستقبل ومتغيراته في الوصول الى ملمح تناسق ذلك الاعوجاج وتراجع ذلك العنف الطافح
لكن الخوف والقلق والترقب يبقى في استحالة اعادة تصوير المشهد مرة اخرى اما لان المخرج ظل يصرخ فركش في كل يوم تصوير او لان الاوان يكون حينذاك قد فات
السابق بوست
القادم بوست