أينَ أصبح قانون الأمن الغذائي؟
بقلم: سمير داود حنوش ..
ربما يتوجّب على حكومة السيد محمد شياع السوداني فتح تحقيق عاجل تشترك فيه كل الأطراف الحكومية والمؤسسات ذات العلاقة للوصول إلى خيوط اللعبة وأركانها وتلك المسرحية التي صاغتها الحكومة السابقة تحت عنوان قانون الأمن الغذائي وبميزانية تُقارب (25 ترليون دينار) أي ما يُعادل ١٨ مليار دولار، لايدري الشعب المنهوب أين تبخّرت تلك الأموال وتحت أي بند؟.
قانون الأمن الغذائي الذي كان ظاهره الرحمة وباطنه نهب أموال وثروات العراقيين التي أسعفهم بها الحظ من جرّاء إرتفاع أسعار النفط عالمياً في تلك الحُجّة الباطلة التي سوّغتها حكومة تصريف الأعمال وأقنعت الجميع بضرورة إقرار هذا القانون الغذائي المزعوم بديلاً عن قانون الموازنة التي تأخر إقراره بسبب التعقيدات التي رافقت تشكيل الحكومة، ربما يؤشّر أن هناك نِيّة كانت مُبيّتة للنهب المُبرمج أو لِسرقة موارد الدولة عِبر فتح أبواب (فضائية) لِهدر هذه الأموال من خلال ذلك القانون الذي لم يرَ النور أو يشعر به المواطن من ناحية الفرق في حياته أو حتى في إستقراره المعاشي.
وقد كان على الحكومة الحالية وفي بداية تسلّمُها المسؤولية أن تُبادر إلى سؤال السابقة عن مصير هذه المليارات، وأين صُرفت؟ وفي أي باب من الأبواب تم إستنزاف مبالغها وفي أي بطون إستقرت ؟.
ليس من المُبالغة توصيف هذا القانون بأنه كان من أكبر سرقات القِرن للنظام السياسي في العراق التي حاول البعض التغافل عنها وتناسيها.
ولطالما كانت دوّامة الفساد المُتوالية في العراق تحت أنواع شتّى من ذرائع المُسمّيات والعناوين، لكن أن تكون بهذا الحجم من المليارات التائهة والمهدورة والضائعة تحت بنود هذا القانون لِتستقر في جيوب الفاسدين واللصوص، ربما يؤشر أن هناك خللاً كبيراً ومنافذ سريّة تسرّبت منها هذه الأموال خصوصاً بعد الشروع بإقرار موازنة عام 2023، حيث بات من الواجب والضروري على الحكومة الحالية التدقيق في حجم تلك الأموال كما حدث عندما خصصت حكومة تصريف الأعمال مبلغ (70 مليار دينار) من أموال هذا القانون المُخصص لِغذاء الشعب كمخصصات نثرية لِشراء مُستلزمات وأثاث لِمكتب رئيس الحكومة السابق، وأموال أُخرى نُهِبت لايعلمها إلا الله والراسخون في حكومة الراقص مع الثعابين.
قانون الأمن الغذائي الذي كانت تتغنّى به حكومة الكاظمي وقبلها مشروع الورقة البيضاء التي أوهموا بها الشعب من خلال تحسين واقع الإقتصاد العراقي وإستحداث فُرص عمل للعاطلين وإيجاد المُبررات لتشريع القانون بِحجّة ديمومة إستلام الموظفين لرواتبهم الشهرية وتلك الخُدعة التي صدحت بها أبواقهم الإعلامية من خلال مُبادرة توزيع قطع الأراضي للمواطنين، جعل من كل تلك الأوهام أن تكون مُجرّد فقاعات هوائية ليس أكثر.
واجب أخلاقي وإلتزام أمام الشعب يُحتّم على الحكومة الجديدة أن تبدء إفتتاحية مُكافحة الفساد بهذا الملف حِفاظاً على المال العام من السرقة، هذا إذا لم يتم ضياعه وسرقته ونهبه لِحد كتابة هذه السطور.