تاليف:الدكتور: محمد جميل المياحي ..
تقديم :رحيم زاير العتابي ..
نستعرض سلسلة من مضامين الدراسة الاكاديمية (العراق والسيستاني ) التي جاءت كانجاز علمي كبير قدمه الدكتور محمد جميل المياحي وعرضه ككتاب يمثل عصارة مجهوده الطيب ليكن واحد من المصادر القيمة التي اظهرت جانب هام يخص العراق و يشير من خلال فصوله الى اهم المرتكزات والاساليب والسبل التي تبناها المرجع الكبير السيد السيستاني ووضع من خلالها الخطوات والوصايا والاحكام الرصينة ،وعبرت عن الحرص الشديد في مرحلة مهمة مابعد عام 2003وكانت بمثابة خارطة طريق وبصمة انارت الطريق وكان بصمة واضحة تحسب للمولف كرافد معين بايدي القراء والمتلقين الاكارم ونستعرضها كحلقات موجزة لفقرات فصولها : ونقتبس من بنودها الموجز الاتي:
“مستقبل الدولة المدنية في فكر المرجع السيستاني”
ان التطور الحاصل في الفكر الاسلامي المعاصر تجاه الدولة،لايمكن ان نمر عليه دون تامل ودراسة لما لذلك من أهمية فكرية للباحث وللدراسة الأكاديمية حيث مثلت مسألة الدولة والسلطة (القانون)
جدلا متلازما قديما وحديثا وصولا الى التاريخ المعاصر وخاصة في اوساط
الفقهاء والمفكرين والباحثين والسياسيين ورجال الدولة، وتمثل الجدل على
المستوى النظري والتطبيقي، بعد سلسلة من التطورات التي مرت بالعالم
الاسلامي وظهور حركات سياسية إسلامية تنادي بتطبيق الشريعة بالبان
مختلفة، هنا واجهت الدولة عدة نظريات ومواقف منها مازالت تنكر وجوده
واخرى تعتقد ان الدولة اداة لتطبيق الشريعة ومن ثم حفظ الناس.
لقد مثلت جدلية وجود الدولة او السلطة مساحة فكرية كبيرة انتجت
العديد من النظريات والمفاهيم التي تحدث عن اصل وجود الدولة وعلاتقتها
في السلطة، وانتجت العديد من الدراسات الفكرية الاسلامية منها والغربية
ومن مختلف الاتجاهات الفكرية، ومازالت تلـك الجدلية تمثل حراكا فكريا
يقدم فيه بعض المفكرين اراء ونظريات متعددة .
كما ان هوية الدولة في العراق اخذت تشغل الراي العام والنخب الفكرية وماحدث بعـد 2003 وتداعياته على بنية وهيكلية وهوية الدولة فضلا عن العلاقةبين النظام السياسي والمنظومة السياسية، وهنا كتبت العديد من البحوث والافكار،
البعض يرى ان العراق يمثل حالة جديدة كدولة ديمقراطية وفق نظام نيابي يحمي
يحمي التعددية ويسمح لمختلف الهويات الفرعية من التعبير عن نفسها في ظل هوية دولة جامعة للجميع.
واخذ مصطلح الدولة المدنية يشاع بشكل متكرر.
ولكي ندرس الموضوع من الناحية العلمية
ومدى وجود لمفهوم الدولة المدنية
وماتمثل من اسس ومرتكزات، وربطها بالمتبني والطروحات والاسهامات التي قدمها المرجع السيد السيستاني في تأسيس وبناء الدولة العراقية ونظامها
يرى ارسطو ان لانسان ان الانسان بطبيعته ميال الى الاجتماع وان حاجة كل فرد لا يمكن ان تتم الا بالتفاعل مع الاخرين، واطلق عليها ارسطو الاجتماع المدني
وهو إمر طبيعي، ويرى ان المرء اذا اكتمل اصبح افضل الحيوانات، ولان الان متسلح بسلاح الفضيلة لذا وجب عليه ان يكمل ذاته مع الاخر، عن تبادل الحاجة وهو ما اطلق عليه الخير، واذا تجرد من الفضيلة تمادى
السفه والانحطاط، وحتى تكمل الحلقة فان تلبية حاجة كل فرد مع الاخر هو ما اطلق عليه ارسطو الاكتفاء الذاتي والذي يقوم على أساس العدالة والذي تاسيسا مهما للمجتمع المدني.
اماجون كالفن فيرى بان الانسان هو بطبيعته ذو ميل اجتماعي ويقوم
بالمحافظة على المجتمع ويرى ان التنظيم السياسي والاجتماعي . يجب ان ستجيب الى الحاجة الاجتماعية ويعود به الى العقل الانساني وان كان هذا مجتمع يتضمن اهداف الرفاه والرخاء ومؤطر بالنظام ووجود سياسة عقلانية تجاه هذا النظام وهو يقترب من ارسطو في مسالة الاكتفاء الذاتي وبناء المجتمع
إن الفكر السياسي الغربي بنى اساسه على تفعيل المجتمع المدني الذي يقوم اساسا على السلطة المدنيه خلال تلك الجذور والتي شكلت اساسه على تفعيل المجتمع المدني من خلال تلك الجذور التي شكلت
امتدادا واضحا لما تبعه من حركة الاصلاح الديني والتحرر من سلطة الكنيسة
وبالانتقال الى المفصل الواضح لهذا الاكتفاء وبناء اسس المجتمع المدني تظهر
كفاصل واضح وتجسيد حقيقي للدولة المدنية والتي شكلت نقلة في
العلمانية
الفكر السياسي الغربي الحديث والتي تمثل نتيجة التنوير الاوروبي الذي تجسد في مجمومة من الاراء التى طرحت من قبل المفكرين الغربيين.
كما تشكل العلمانية الفاصل الواضح بين السلطتين الدينية والدنيوية .
وتحمل في طياتها جماعات دينية لا تتدخل في شؤونها، الدولة وتسعى
للدفاع عن الحرية المطلقة للدين والمعتقدات التمدن وحماية الحقوق
والحريات والتي شكلت هيكلا سياسيا لعصرالنهظة نتج عنها نقاط حركة
التنوير والتي توجت بالعلمانية.
ان الامتداد الفكري يبدو واضحا لان اغلب المفكرين كانـوا يؤكدون على مدى اهمية المجتمع المدني في افكارهم، وهذا يتجسد عند مفكري العقد الا جتماعي .
فاذا كان هوبز يرى ان الطبيعة تقوم على الانانية والنفور ويستوجب الانتقال من الطبيعة الى مجتمع اكثر تنظيم عن طريق العقل، فان لوك يرى عكس ذلك، حيث يرى ان حالة الطبيعة هي الفردوس الارضي وهي في حالة تطور مستمر دون ان تبقى على حالها، ومع ازدياد الحاجات
وامتلاك الثروات بدات تتنامى حالة من الازدياد المطرد للثروة واصبح بون
بين الذين يملكون وبين الذين لا يملكون، فادى الى اختلاف السلام شيئا فشيئا، وهنا يؤكد لوك على ضرورة، اقامة قانون للحد من هذه الفجوة عن طريق العقد، ولان العقد ضروري لدرجة الهدف منه تاسيس مجتمع
ني يقوم على أساس السلام والامن وحماية حقوق الافـراد وحمايتهم بموجب حق تم التنازل عنه مؤطرا بمضمون السلام ومتوجا بالمجتمع السياسي المدني.
ان لوك يعتبر انه من الخطا الاعتقاد بـان مجمتمع يحكمه الغابة والعنف وهو مجرد من قوانين تحترم الحقوق، وان ازدياد الثروة وما يتبعه من فجوة بين الافراد هو امر تتم معالجته وفق التنازل (العقد)، ولكن
؟ ان لوك يجيب ان هذا العقد يتمثل بالسلطة السياسية التي تضع قوانين محددة تحمي الافراد بموجب ذلك التنـازل، وهو تمايزواضح بين الحاكم والمحكوم وفق رؤية لوك، ولان المجتمع بحاجة الى تلك
المهمة لاقرار الحقوق والحريات.
ان دورالسلطة السياسية ليس فقط يتمثل باقرار الحقوق بل ان اقرار المساواة والعدالة هو يقع على عاتق تلك السلطة والمتمثلة بالحاكم وفق رؤية لوك، لان مجتمع الطبيعة بدوره هو خالي من تلك العدالة والمساواةبسبب الثروات المتراكمة، وان كانت تلك المساواة من سمة الطبيعة نفسها لكنها بحاجة الى تنظيم (انتقال) وفق رؤيته، وللطبيعة قوانينها ويخضع كل
انسان الى تلك القوانين وليس من حق اي احد ان يسئ الى الاخر او يتعدى
على حرياته وممتلكاته، ومن اجل ان يتقاسموا فيما وهبتهم تلك الطبيعة
مي اقامة قانون يؤطر تلك الحقوق للمحافظة على كيان المجتمع .
ان هذا المجتمع الذي يتحدث عنه لوك هو يتضمن الحريات بعد ان كانت
غير منظمة وفق تراكم الثروات، اي ان المجتمع المدني هو عبارة عن تنظيم
لحقوق وحريات الافراد لحمايتهم من استبداد الحاكم والافراد في الوقت
نفسه والحال تمثل معاقبة وفق قانون منظم لكل من يتعدى على حقوق وممتلكات الافـراد .
تقتضي الدولة وفق رؤية لوك بان تقوم باقرار القوانين وتنفيذ العقوبات كل من يتجاوز على حقوق وحريات الافراد، وفق حق تم التنازل عنه ،(العقد) لتاسيس المجتمع الذي اطلق عليه لوك (المجتمع السياسي) (الحكـم ألمدني الصالح)، ويتم تنفيذ هذه العقوبات ليس فقط وفق تنظيم لهذه القوانين بعدان تم الانتقال الى مجتمع الطبيعة لا بل العمل على تقسيم منظم للسلطات والتي اوضحها لوك وهي السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية
واذا كان المجتمع المدني يعني نشا عن تنازل المرء عن صلاحياته والتي تمثل
المحافظة على ذات الفرد وللحفاظ علـى حقوقه وحر ياته.
يتبع