فاجعة القرن: الكلمات وحدها لا تكفي
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
منذ تفجر الفاجعة ونحن نلتصق بشاشة التلفاز لمتابعة عمليات فرق الانقاذ وتحركاتها في المناطق المنكوبة. نرى هبوط طائرات الاغاثة القادمة من كل حدب وصوب إلى مطارات أضنة وغازي عنتاب وانطاكيا وكهرمان مرعش. ونرى تدفق المساعدات الطبية والغذائية نحو المخيمات التي أقامتها تركيا خارج المدن المنكوب، بينما ظلت المدن والمخيمات السورية ترزح تحت رحمة الهزات الارتدادية العنيفة، في مواجهة العواصف الثلجية المميتة، واقتصرت مساعدات العرب لسوريا على القوافل العراقية والاردنية والمصرية والسعودية والإماراتية، وهي بطبيعة الحال لا ترقى إلى حجم الكارثة. في حين اكتفت بعض البلدان العربية بإرسال برقيات التعزية والمواساة، وذلك بسبب علاقاتها المتوترة مع النظام السوري، في حين ظل الشعب السوري يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت ضغط الجدران المهدمة، والمخيمات المتجمدة، وباتوا يواجهون الكوارث بجراحهم النازفة، وبطونهم الخاوية، وقواهم الخائرة، وثيابهم البالية، وأجسادهم الضعيف. .
من حسن حظ الشعب السوري انه لا يسمع برقياتهم، ولا يشاهد فضائياتهم، حيث لا كهرباء ولا تلفزيونات ولا هواتف. .
بعض الفضائيات العربية اكتفت بنشر الخبر مرة واحدة فقط ثم عادت لبث برامجها الترفيهية، وبعضها تحدثت عن الفاجعة بلغة الاستخفاف والشماتة. وبعضها تجاهلتها جملة وتفصيلا.
هل تذكرون كيف تألم الشعب العربي كله اثناء متابعته لمحنة الطفل المغربي (ريان) المحبوس في قعر البئر ؟، لكن الاعلام العربي لم يتفاعل هذه المرة مع أطفال أدلب وحلب وحماه وحمص، ولم يتعاطف معهم، مفارقة عجيبة تتمثل أمام أعيننا كل يوم. .
لقد أتت المأساة الأخيرة لتزيد من معاناة السوريين الذين أنهكتهم الحروب الداخلية طويلة الأمد، وتزيد من عذاب النازحين في مخيمات اللجوء شمال غرب البلاد. .
لقد انهارت المباني بشكل كامل في 58 قرية وبلدة ومدينة سورية، منها اللاذقية وحماة وحلب ضمن مناطق نفوذ النظام، ومارع والباب وإعزاز وجنديرس، وسرمدا ومعرة مصرين ودركوش وحارم وعزمارين وزردنا وسلقين ورام حمدان وجسر الشغور، وتسببت بأضرار وخسائر فادحة في عموم مناطق شمال غرب سوريا. بينما اقتصرت المساعدات العربية على البرقيات المكتوبة بكلمات منافقة وعبارات مراوغة تحمل الشيء ونقيضه، في صورة مفرزة من صور النفاق السياسي. وشتان ما بين القول والفعل. . .