أرجل الدجاج وسياسة التجويع
بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
جاء في سفر التكوين من الكتاب المقدس: ((وَخُذُوا أَبَاكُمْ وَبُيُوتَكُمْ وَتَعَالَوْا إِلَيَّ، فَأُعْطِيَكُمْ خَيْرَاتِ أَرْضِ مِصْرَ وَتَأْكُلُوا دَسَمَ الأَرْضِ)). 45: 18. .
فقد خص الله مصر بالخيرات الكثيرة والنعم الوفيرة، ووزعها على ربوعها وغيطانها، فتميزت كل منطقة عن غيرها بالعطاء والتنوع. وكانت دول الجوار تأكل من خيرات مصر، من بقلها وقثّائها وفومها وعدسها وبصلها. لكن تأزم الأوضاع الاقتصادي، وتدهورت سعر الجنيه مقابل الدولار أرغم أهلنا هناك على تناول أرجل الدجاج في ظل ارتفاع أسعار اللحوم والاسماك والدواجن. بينما انشغلت الحكومة بإقناع الشعب بفوائد أرجل الدجاج، مستشهدة بما جاء في صفحة المعهد القومي للتغذية في هذا الإطار، وهو ما أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي. .
لا شك ان حديث الحكومة بلا انقطاع عن مغريات أرجل الدجاج باعتبارها مفيدة جداً للميزانية العامة يوحي بانها تمهد الطريق لمجاعة وشيكة الوقوع. .
ويحق لنا ان نتساءل عن أعداد (الفراخ والديوك الرومية) التي ينبغي ان يلتهمها الأثرياء حتى يرسلوا الفائض من أرجلها إلى موائد الفقراء ؟. .
تجدر الإشارة ان الكاتب المصري الراحل احمد خالد توفيق تنبأ عام 2008 في روايته (يوتيوبيا) بارتفاع سعر الدولار في مصر إلى 30 جنيها، وبأن أجزاء الدجاج التي كانت تُلقى في القمامة، مثل الأرجل والأجنحة، ستصبح من الأطعمة الرائجة بين المواطنين. .
اما اليوم (الرابع من شهر فبراير 2023) فقد اصبح الدولار يساوي 30.17 جنيهاً مصرياً. .
المؤسف له ان مصر تحتل المركز 161 من بين 165 دولة في مجال الحريات الانسانية، والمركز 149 من بين 165 دولة في مجال الحرية الاقتصادية، والمركز 144 من بين 165 دولة في مجال السيادة القانونية، والمركز 137 من بين 165 دولة في مجال الأمن والسلامة، والمركز 143 من بين 165 دولة في مجال النظام القضائي وحقوق الملكية، لكنها تحتل الآن المراكز المتقدمة في الترويج لاطعمة أرجل الدجاج. فبين السخرية والغضب أثارت أرجل الدجاج جدلاً واسعاً في مصر وأخوانها. وأثار إرتفاع سعر الدولار في أكثر من دولة عربية احتجاجات شعبية واسعة بعد أن أدى التضخم إلى تآكل القوة الشرائية لدخل شرائح واسعة من شعوب هذه الدول، التي تنحدر رويدا إلى مستوى متدن، يصل إلى حد الفقر أو تحت خط الفقر. .
والله يستر من الجايات