حان الوقت لنعلمهم تناول الطعام بدل الصراع
بقلم: هادي جلو مرعي ..
منذ مطلع العام 2003 حين شد النظام السابق الرحال والى الأبد تحولت الساحة العراقية الى مايشبه سوق الخضار، والجميع ينادي على بضاعته، فهذا ينادي على الطماطم، وذاك يعرض البطاطا، وٱخر يغري بالخيار، والرابع يرغب الشاري بثلاثة كيلوغرامات من الباذنجان بسعر واحد، وخامس يتحسر على الجزر لأنه لايجد من مشتر له، وسادس يصيح كما الديك على المتبضعين أن يبتاعوا منه، فمالديه من بصل وفير ،الحار منه والبارد.، وبالرغم من هذا الكم من الخضار، والتنوع في الطعام، وكرم أهل الدار إلا إن الباعة كانوا يتشاجرون بينهم، والمتبضعون يحظونهم على العراك والتنابز والسباب، وقول وفعل كل مايخل بٱداب وعادات وأعراف السوق.
في الساحة العراقية تداخلت المصالح والمطامع بين مقاوم للإحتلال، وطامح ببناء دولة، وغير واثق من المستقبل، وراغب بمزيد من المكاسب، ومتدخل في شؤون البلاد دون تردد، ومدع بالوطنية، ومتسكع على أبواب السفارات، ووكيل عن دول أخرى يتقوى بها على أبناء وطنه، ومندس يبحث عن فرصة، وراكب موجة ينتظر ماستؤول إليه الأمور لينال بغيته، وتائه لايهتدي الى قرار، ومتأمل لايعلم الى أين سينتهي به المطاف، بينما الخارج يتطلع الى الداخل كسوق لبضاعة راجت، أو بارت، فلافرق لديه، فأمر السوق في يديه، والباعة في خدمته، يسهرون على راحته ، ويحققون رغبته.
منذ عشرين عاما جرب العراقيون طرق علاج لاتعد لمشاكلهم التي هي عللهم ذاتها التي بدأت بالإحتلال، وتطلبت حلولا تأخرت بعد أن تداخلت الأمور، وإشتبكت الرغبات والنوايا عند الجميع، حتى ظننا أننا ماضون الى مجهول لامعلوم بعده، وإن احلامنا تناثرت مع الشظايا التي توزعت في الشوارع، وصار الجميع يبحث عن مصالحه في الظلام، ويتدافع مع العميان حيث غابت صور الأشياء، وملامحها بالكامل، وتعلمنا دروسا لاحصر لها، ولعل أول تلك الدروس وأهمها إن البلاد لاتدار كما ينبغي، ولامستقبل لها مالم يمسك بالزمام أبناؤها المخلصون، الواعون بمايصلح شأنها، ويسير بركبها في الطريق الصحيح نحو الغاية الصالحة.
تصارع الجميع على أرض العراق، نالوا مانالوا، وأحدثوا فيه من البلايا والخطايا مالايعد ولايحصى، وكانت غاياتهم تحقيق المكاسب السياسية والأمنية والإقتصادية، وترسيخ الوجود والهيمنة، بينما ظلت شوارع العراق ومبانيه وبناه التحتية في حال متردية، والناس تبحث عن الخدمات والمستشفيات والحلول لمشاكل الفساد والمحسوبية، وحان دور العراقيين ليركزوا جهودهم ليعلموا المتصارعين أن يكفوا عن الصراع، وينتبهوا الى مائدة العراق العامرة بالمشاريع والإستثمارات الإقتصادية الكبيرة والمتعددة، وفي شؤون عدة، وقطاعات مختلفة، وماعليهم إلا أن يدفعوا بشركاتهم ومستثمريهم ليعملوا بجدية، ويحققوا مكاسب لهم وللعراق، فقد ٱن الكف عن صراع لايؤدي إلا الى الخراب، والتفكير في المصالح الإقتصادية وتناول الطعام الدسم، بدلا من ذلك الصراع المحموم.