كلبشات صندوق النقد الدولي (IMF)
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
الكلبشة أو (الكلبچة): مفردة تركية (kelepçe) شائعة في العراق والخليج ومصر وبلاد الشام. وتعني القيود والأصفاد والأغلال والسلاسل، والحلقات الحديديّة لتقييد كاحل أو رسغ السجين. قوله تعالى:(وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد). تتحدث هذه المقالة عن مطبات صندوق النقد الدولي، وما أكثر البلدان التي وقعت في فخ هذا الصندوق المهلك، فكبلت شعوبها بالكلبشات. .
لقد دأبت امريكا واخواتها على تقديم مغريات خادعة للصندوق، زاعمة انه طوق النجاة المتاح دائماً لانتشال الحكومات المتعثرة من الغرق بأزماتها المالية، فتنخدع الحكومات وتقع في شراك الخصخصة والمديونية والشروط الثقيلة، وأحيانا تجد نفسها اسيرة لسلسلة من الأزمات المتلاحقة، فترتمي مرة أخرى في أحضان صندوق النقد لتضع الأغلال في أعناقها، وتفتح على نفسها المنافذ والثغرات التي تتسلل منها القوى الخارجية، فتسطو على مفاصلها الاقتصادية، وتنهب ثرواتها، وتتحكم بمصير شعوبها. .
كانت دولة (تشيلي) أول البلدان التي وقعت أسيرة في قبضة الصندوق، بدأت مأساتها بانقلاب عسكري دعمته الولايات المتحدة الأميركية، وكانت امريكا نفسها وراء الارتفاع الكبير بالأسعار. اعقبتها بسلسلة من أعمال شغب، و الاعتقالات التعسفية، والخطف العلني، والفوضى العارمة، وتزايد معدلات البطالة، وشيوع الرذيلة والمخدرات، واصبحت تشيلي برمتها غارقة في المشاكل والديون والأزمات، وتحولت الى براكن يغلي بالكوارث، وهنا جاء دور الصندوق الدولي ليطوق يدها بالكلبشات، ويرسم خطة هلاكها بتحويل اقتصادها الى اقتصاد السوق الحرة، فرفعت الحكومة يدها عن زمام الأمور، وتنازلت عن سيادتها لتفتح الأبواب على مصاريعها للشركات الأمريكية. وكان الشعب التشيلي نفسه يصفق بحماس، ويرى في الكلبشات صورة مبهرة للأساور. واصبح كالطير يرقص مذبوحاً من الألم. وربما كانت ماليزيا الدولة الوحيدة التي افلتت من قبضة الصندوق بقيادة زعيمها مهاتير محمد، حتى تحررت الى الأبد من كلبشات الصندوق. لكن المؤسف له ان بعض البلدان العربية (مصر وتونس والعراق والسودان) تسعى برجلها الآن لتقع في الفخ الذي وقعت فيه تشيلي. .
المشكلة ان بعض الحكومات العربية مفتنعة تماماً بشروط الصندوق القاسية والمجحفة، وأبدت استعدادها لتحمل آلام الكلبشات وتداعياتها. ولا عزاء للمتخاذلين والضعفاء. .