روائع الحضارة السومرية في كتاب جديد
بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
صدرت الطبعة الاولى لهذا الكتاب في صيف العام الماضي (2022) وهو يحمل عنواناً طويلاً باللغة الانجليزية: (The Sumerian Civilization: An Enthralling Overview of Sumer and the Ancient Sumerians)، من اصدارات: (Enthralling History)، ويحتوي على 160 صفحة. وهو محاولة جادة لتعريف القارئ بروائع تاريخ بلاد ما بين النهرين، وإرثها العبقري الذي كان مهداً لانطلاق الحضارات الإنسانية . .
يرسم الكتاب صورة جميلة وصادقة لاجدادنا الأوائل، وملاحمهم البطولية، وقصائدهم وترانيمهم ودساتيرهم القانونية، وخطوطهم المسمارية التي علمت العالم اصول الكتابة والتدوين، ودورهم في صناعة أول عجلة للنقل. وصناعة العربات البسيطة التي كانت تنطلق بسرعة خمسة وثلاثين ميلاً في الساعة. .
يبين الكتاب كيف حدّق السومريون في السماء فرسموا خرائط لها، وكيف رصدوا مدارات الكواكب، وتوقعوا خسوف القمر وكسوف الشمس. وكيف طوروا مفهوم الوقت والقياسات والعد الأساسي والرياضيات العليا والهندسة الهيدروليكية. .
ويبين الكتاب كيف كانت بلاد ما بين النهرين حاضنة لنشوء الإمبراطوريات الكبرى الأولى في العالم (الأكاديون والآشوريون والبابليون والأخمينيون)، التي امتدت على ثلاث قارات، وضمت 44 في المائة من سكان العالم. .
ويتضمن الكتاب لمحات عن عمر أول مدينة في العالم، مع الاشارة إلى ورود اسم اريدو Eridu في سفر التكوين، ونجاحهم في اكتشاف النسبة الثابتة pi (π) بقيمة 3.125، وتوصلهم إلى النظريات التي سُجلت فيما بعد باسم فيثاغورس قبل ولادة فيثاغورس بنحو 12 قرناً. .
ينفرد هذا الكتاب بسهولة قراءته وأهميته العلمية، فهو غني بالمعلومات، ويحتوي على العديد من الرسوم التوضيحية المفيدة. وهو بحق مثير جداً للاهتمام. وذلك لأنه يتحدث بالتفصيل الدقيق عن الحضارة الأولى، التي سجلت وحدها 39 اكتشافاً واختراعاً. .
انا شخصيا أشعر بالفخر عندما ارى العالم من حولنا يواصل اهتمامه بتاريخنا السومري والبابلي والآشوري والكلداني والاكدي، ويساورني شعور بالإحباط عندما ارى عواصف الاهمال تعصف بآثارنا، وعندما ارى المكتبات الاوربية تتفوق علينا في تعريف العالم بتاريخنا. حتى بات من الصعب ان تجد هذا الكتاب وغيره في المكتبات العراقية، من المحزن ان نرى العالم يتحدث عن حضارتنا التي اهملناها، ولم نسلط الاضواء عليها بالطريقة التي سبقنا إليها الغرب. ولست مغاليا إذا قلت ان بعض الفضائيات العراقية حاولت ومازالت تحاول تشويه صورة تاريخنا القديم والتقليل من شأنه، ولا توجد لدينا الآن نافذة تاريخية واحدة يطل من خلالها المواطن عبر برنامج توعوي يتناول هذه المواضيع مثلما تتناولها الجامعات الاوروبية. .