مجالس بلا اخلاق
بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
لا تقع الطيور إلا على أشكالها. ولا ينجذب المنافقون إلا إلى أشباههم المتلونين مع كل زمان ومكان وسلطان. لكن اللافت للنظر ان بعض المجالس الخاصة في القصور والمرابع والدواوين والبيوت والمكاتب تحولت هذه الأيام إلى مقار وأوكار يلتقي فيها هؤلاء للتباحث في شؤون النهب والتكسب والارتزاق بكل الطرق الانتهازية. .
هناك. وفي مكان لا يبعد عنك كثيراً. يتقاطرون ويتوافدون في كل مساء لتسويق بضاعتهم الملوثة، واستعراض مواهبهم التي تخجل منها الثعالب والواوية. يكذبون على بعضهم البعض، ويضمرون الشر لبعضهم البعض، لكنهم على قلب واحد في تقاسم المغانم وفي إبرام الصفقات. .
ربما تنزلق بك قدماك ذات يوم لحضور مجالسهم عن طريق الصدفة، فيذهلك كرمهم، ويخدعك ورعهم، ويسحرك كلامهم المعسول، وتستحوذ عليك شهامتهم المُنتحلة، وتنطلي عليك مظاهرهم المزيفة. ثم تكتشف بعد فوات الأوان انك كنت تجالس الضفادع والقمرچية والهتلية. حيث لا مكان للقيم والمبادئ في نفوسهم وضمائرهم. .
هناك في تلك البؤر الليلية يجتمع المستثمر والصحفي ورجل الدين والمحامي والعسكري والسياسي والطبيب والفنان وشيخ العشيرة والتاجر والشاعر الشعبي. حيث لا تكتمل جلساتهم إلا بوجود شاعر أو (مهوال) ينعش غرورهم، ويشيد بهم، ويشدوا لهم، ويجتمع معهم أيضاً أصحاب المناصب والمراتب في تركيبة عجيبة، تبدو لك انها متنافرة وغير متجانسة، لكنها في حقيقة الأمر تشكل قاعدة قوية من قواعد التكامل النفعي في عالم النفاق واللواگة. .
لم يعد أمرهم غامضاً بعد ان تحولت مجالسهم إلى دكاكين مدعومة من القوى السياسية المتنفذة. .
ربما لا تصدق ما نقوله، لكنك ستكتشف ذلك بنفسك إن عاجلا أم آجلاً. .
فاتني ان أذكر ان أول من أطلق مقولة: (الطيور على اشكالها تقع) هو الكاتب وليام تيرنر، عندما ذكرها فى كتابه عن الكوميديا الساخرة في سلوك الكاثوليكي المهذب بعنوان: (إنقاذ الثعلب الروماني). قائلاً: (الطيور من نوع ولون واحد دائماً ما تطير مع قطيع واحد). .
وعيش وشوف. . . .