هل كان الإنسان القديم متخلفاً ؟
بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
ليس عندي أدنى شك ان المراجع التاريخية لم تنقل لنا الصورة الحقيقية عن الإنسان في العصور الغابرة، وإنه لم يكن متوحشاً يعيش في الكهوف والغابات، فبين أيدينا حزمة من الأدلة على وجود حضارات قديمة متطورة جداً، لكنها اضمحلت واندحرت بطوفان عظيم غطى سطح الأرض، فاختفت مدن بكاملها، وهذه الرؤية يؤيدها الكثيرون، ومنهم الباحث العراقي الراحل (عالم سبيط النيلي)، والباحث البريطاني غراهام هانكوك Graham Hancock الذي كان معارضاً لعلماء الحفريات والآثار، وكان يسعى لدحض أفكارهم، ويعتقد بوجود حضارات بشرية حققت من التقدم العلمي ما لا يخطر على البال، ثم تعرضت للدمار الشامل بكارثة كونية وقعت منذ اكثر من 12000 سنة، على أثر سقوط نيزك أدى إلى إنهيار جليدي، نتج عنه طوفان بارتفاع يزيد على 100 متر. لكنه لم يتسبب بفناء الجنس البشري كله، فكل ما نراه الآن أمام أعيننا من صروح وزقورات واهرامات وابراج ما هي إلا شواهد لحضارات متقدمة، ومشاريع فلكية عملاقة شيدها الإنسان في المراحل التي سبقت التاريخ المقروء. .
اعتمد كل من النيلي وهانكوك في أفكارهم على الأسس التالية:-
- الكتب السماوية المقدسة. فقد حدثنا القرآن عن أخبار مملكة سبأ وأنظمتهم الهندسية المذهلة، وحضارة ثمود التي نحتت مساكنها في الصخر، وما في ذلك من إبداع في نقل المياه وأنظمة التهوية والإنارة. وقوم عاد ومدينتهم إرم ذات العماد التي لم يُخلق مثلها في البلاد. .
- الاكتشافات في المواقع الاثرية للحضارات المفقودة والمخفية. .
- المسح الجيولوجي والجيمورفولوجي لتلك المواقع. .
- الاساطير الشعبية والمعتقدات الدينية لسكان تلك المناطق. .
فالحضارات القديمة حتى لو اندثرت آثارها لابد من وجود دليل عليها فوق أو تحت سطح الأرض أو في أعماق البحار . .
مثال على ذلك نذكر: يوجد معبد جگانتيا Ggantija في جزيرة مالطا، ويعتقد العامة انه شُيد منذ 5000 سنة، لكن المسوحات الحديثة اثبتت وجود الإنسان هناك قبل 7900 سنة، حيث اكتشفوا آثاراً لأسنان بشرية عمرها أكثر من 11000 سنة، مدفونة تحت طبقات الرواسب، وفي الجزيرة حوالي 19 معبداً مشابهاً للمعبد المذكور، تعود لأزمان مختلفة، وفيها تماثيل لمجسمات بشرية. وكل تمثال ينظر الى الفضاء باتجاه مجموعة الشعرى اليمانية (Sirius). .
وفي اندونيسيا تلة تدعى كونونغ بادانغ Gunung Padang، يعتقد عامة الناس انها تشكلت منذ 2500 سنة، لكنهم اكتشفوا مؤخراً ان عمرها يزيد على 24000 سنة. وتحتها نفق متصل بثلاث حجرات على عمق 30 متراً تحت الارض. وهذه دليل آخر على وجود أقوام متحضرة قبل 24000 سنة.
وبامكانك ان تزور مبنى Gobekli Tape في تركيا عمره 11600 سنة. اي بعد نهاية العصر الجليدي، وهو عبارة عن اربع حجرات تحيطها أسوار، والحجرات مفتوحة على الفضاء باتجاه مجموعة الشعرى اليمانية (Sirius)، وعلى جدرانها نقوش لحيوانات تشبه الابراج الفلكية المتداولة الآن. .
وفي ولاية اوهايو توجد تلة الثعبان Serpent Mound وهي مصممة على شكل أفعى عملاقة بطول 400 متر، يظنون انها تعود لسنة 300 قبل الميلاد. لكنها تعود في الحقيقة إلى 12800 سنة. .
وفي معبد Quetzalcoatl بالمكسيك توجد نقوش لبرج يحترق يلتف حوله ثعبان، بينما يطوف البطل الاسطوري كواتزاكوتل فوق سطح الماء في زورق تحمله الثعابين. .
وفي موقع قراهان تبة Karahan Tepe في تركيا تشاهد تمثال لإنسان بجسم أفعى. . وفي قنوات Scablands في واشنطن المشهورة بشلالاتها الجافة المرتبطة بوديان غائرة في الأرض، حيث يساوي حجم الشلالات عشرة اضعاف شلالات نياجرا، كانوا يعتقدون أنها ناجمة عن فيضانات كاسحة مصدرها بحيرة Missoula، لكنهم وجدوا في منطقة Murray Springs آثاراً لعظام بشرية وكميات من الزجاج المنصهر بحرارة كونية وبدرجات عالية جدا، ووجدوا هناك كميات من البلاتين والإريديوم من النادر وجودها على الارض، ولابد ان تكون قادمة من الفضاء مع النيازك والمذنبات، وبالتالي فان قنوات سكابلاندز لم تتشكل بسبب الشلالات، واكتشفوا أيضاً ان معظم المواد الموجودة في تلك المنطقة تعود لعام 12800 قبل الميلاد. .
ختاماً: يعتقد العقلاء ان كل خرافة وكل اسطورة لابد ان تكون مبنية بالاساس على حقيقة مغيبة أو غامضة. وان الحضارات التي سبقت السومرية والقابلية والفرعونية، تعرضت للدمار منذ آلاف القرون بكوارث ساحقة ماحقة. .
وللحديث بقية. .