قروش تسللت إلى الأهوار
بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
لأسماك القرش أسماء بديلة لكنها شائعة في البصرة. فبعضهم يسمي القرش: (يريور أو جرجور) وبخاصة في الفاو ومقترباتها، وبعضهم يسميه (كوسج) وهو الأكثر شيوعا في عموم العراق. ومن المفارقات العجيبة في سلوك القروش انها من الاسماك البحرية المفترسة، لكن بعض انواعها تنتقل أحيانا من المياه الضحلة المالحة لتقتحم المياه العذبة، فتتسلل إلى الأنهار وقد تصل إلى حافات الأهوار، وربما تصل إلى نهر دجلة في العمارة أو إلى نهر الفرات في الناصرية. .
في الستينيات والسبعينيات شاهدت بنفسي بعض القروش النافقة على ضفاف شط العرب. وشاهدت بعضها في نهر (كرمة علي)، وفي نهر (شط الترك) وهو جدول صغير متفرع من الكرمة من جهة الاكاديمية. وقد تكرر ظهورها في شط العرب في الأعوام الماضية. .
يقول الصيادون ان هذه القروش تدخل شط العرب وتتغلغل في جداوله في مواسم قطف التمور أي في موسم الصيف. وهذا غير صحيح لأن الإنسان هو الذي يمارس السباحة بكثرة في الصيف فيجدها بجواره. .
غالباً ما يُنظر إلى أسماك القرش على أنها من أكثر الكائنات مراوغة وخطورة وعدوانية. وقد تتفاجأ عندما تجد أن هذا النوع لا يقتصر على شعاب المياه المالحة والأعماق السحيقة، فبعض أنواعها تهاجر إلى المياه العذبة مثل الأهوار والأنهار. وقد يتنقل بعضها، مثل القرش الثور (Carcharhinus leucas)، بانتظام بين الأنهار والبحار. وعادة ما تتواجد في تفرعات شط العرب. ولديها القدرة على تحمل ظروف المياه العذبة وتياراتها العنيفة، وتميل صغارها إلى الاختباء في الجداول والسواقي، التي تصطف على جانبيها أشجار النخيل. وقد تتحدد نشاطاتها بحركة المد والجزر. .
تتغذى معظمها على القشريات والأسماك الموجودة بالقرب من قيعان الأنهار. وقد تعتمد على الاستقبال الكهربائي للعثور على فريستها في المياه منخفضة الرؤية. وقد نشرت شبكة BBC بتاريخ 30 / اكتوبر / 2007 خبراً بعنوان: (قرش الناصرية يقع في الشباك) حيث عثروا على سمكة قرش بطول مترين في مياه نهر الفرات. .
تتكيف أسماك القرش في المناطق شبه الاستوائية مع ظروف المياه النهرية والبحرية. وغالبا ما يخشاها الناس بسبب مزاجها العدواني، باعتبارها الأخطر في العالم. ومع ذلك فإن الهجمات التي تستهدف البشر نادرة، ومن المحتمل أن تكون مصادفة لأن القروش النهرية لا تستهدفهم بشكل متعمد كفريسة. ومن المرجح العثور على أسماك القرش الصغيرة في المياه العذبة فقط، في حين تهاجر الكبيرة منها نحو المصبات. وظل سلوكها حتى الآن غير مفهوم، ويتعين على الباحثين في مركز علوم البحار (جامعة البصرة) رصد القروش النهرية النادرة وبيان تحركاتها ومزاياها الأخرى. .
كل ما نعرفه حتى الآن عن قروش الأهوار وشط العرب يقتصر على المشاهدات النادرة والمتفرقة وغير المدعومة علمياً. وربما تزايدت الآن بسبب ارتفاع العمود الملحي في المنطقة بشكل عام. . .