بقلم: وجيه عباس ..
مازال يشرَبُ ضوءَك القمرانِ
ولكربلاءَ أصابعٌ ويدانِ
ومن الرمادِ على الخيامِ تلاوةٌ
مما تيسّرَ في فمِ النيرانِ
لعباءتين وأنتَ تسكبُ نسوةً
من راحتينِ تفيضُ بالأردانِ
لسواد ليلِكَ نجمةٌ،وعلى
فراتــــِكَ كربلاءٌ من دمٍ ودخانِ
فأركضْ برجْلِكَ يستفيقُ بك
الفراتُ كأنّه بيتٌ من الأحزانِ
من بعد ألفٍ تستطيلُ بك الخطى
لتلمَّــها وتعودَ بالغفرانِ
ليدينِ من ماءٍ وبضعِ أصابعٍ
مقلُ الحكايا دونها شفتانِ
مابينَ صوتِكَ بين موتِكَ كنت
مئـــذنةًتلوحُ بلجّة الطوفانِ
ووجدتني مابينَ صوتِكَ أعيناً
نطقتْ محاجرُها بكلِّ لسانِ
هذي الخطى المتعثراتُ أتينَ
بي ووقفتُ تحملُني هنا قدمانِ
وهنا الرمالُ،وصوتُ زينبَ،
والعيالُ،وماؤُكَ المسبيّ في الكثبانِ
وعلى الترابِ قميصُ حمْدِكَ
وهو ينشرُ في السوادِ ظلامةَ الألوانِ
أتلمُّني وجعاً لألثم في يديك
شفاهَ حيدرَ،والدموعُ رهاني؟
سكبَ الصهيلُ على الجبانِ ثيابَهُ
فأحمرَّ صوتُ الشمسِ في الدورانِ
ورأيتُ ظلَّك في الفراتِ وأنت
تخطفُ في الطفوف أعنّةَ الفرسانِ
فسجدتُ حينَ رأيتُ نخلكَ رايةً
هزّت بها،فتساقطَ الكفّانِ
للموتِ فيكَ ولادةٌ،فأخترْ قيامَكَ
في الفراتِ،فإنّهُ موتانِ
اخلع بها كفّيكَ،تولَدُ كربلاؤكَ
كالمسيحِ على فمِ الصلبانِ
كفٌّ لخدِّكَ،والرضيعِ،وللحسينِ
على الترابِ وسادةُ التربانِ
وأمطرْ بجودِكَ غربتين على الحسينِ
ودمعتين هنا بلا كتمانِ
ولما تساقطَ من دموعِ الغيبِ
جودُكَ وهويسكبُ غربةَ الإنسانِ
*
الكربلاءات الظماءُ ووجهها
المكيُّ، فاطمُ، دونَه، الحسنانِ
وهناكَ ثمَّ هنا…وألفُ محمّدٍ
ومحمَّدٌ ظمأٌ مــن القرآنِ
ومحمّدٌ ظمأُ الطفوف بكربلا
خُلِقا،ليفترقا،فيلتقيانِ
وهناك رأسُ محمدٍ،وعلى المدى
وجهٌ لفاطمةٍ على البيبانِ
قمرٌ لهاشمَ في الفرات فمن رأى
هذا الغريب يحوطهُ قمرانِ؟
مازال يسكنُهُ الفراتُ وكلّما
دمعتْ خطاهُ يفيضُ بالجريانِ
عيناهُ مطفأتان حين توسّدت
تلك السهامُ معاقدَالأجفانِ
وتميمةٌ هذي السهامُ لأنّها
رضعتهُ مذْ شهقتْ به العينانِ
ماأسودَّ من علق الدماءِ كأنّهُ
شيبٌ تخضّبَ من دمِ الرمّانِ
السجدتان ودون هامك ركعةٌ
ودمٌ وضوؤُك في يد الاذانِ
من أين تولد؟ كربلاؤكَ عاقرٌ
وصداقُ مهدِكَ في الثرى إثنانِ
قمرٌ لهاشمَ في المدينة
كفُهُ وجناحهُ في بيعة الرضوانِ
وجهٌ على أبواب مكّةَ ساجدٌ
وبكربلاء دماهُ في الجدرانِ
مابين كفّين إثنتين وقربةٍ
قمرٌ يطوفُ هنا على إيوانِ
قلبٌ كصالية الهجيرِ…وقيلَ
:ياعبّاسُ…هذا أوّلُ الهذيانِ
كذبَ الفرات فإنَّ كفَّك لم تُمدُّ
وإنما مدّت إليكَ يدانِ
وجيه عباس
العمل: وضاح مهدي.