كركوك مثلث الاستقرار والانهيار !؟
بقلم: عمر الناصر ..
لم يشهد البيت الكوردي استقرار سياسي حقيقي منذ انشقاق الراحل جلال الطالباني عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني في عام ١٩٦٧ ، تصاعدت على اثر ذلك وتيرة الخلافات بين البارتي واليكتي والتي بلغت ذروتها عندما انتقلوا الى مرحلة طحن العظام بدلا من كسرها في عام ١٩٩٦ ، ودخول بعض الدول الاقليمية على خط الازمة لفض النزاع الدائر بينهما ، التي لعبت فيه بعض العوامل السياسية واختلاف الموروثات التاريخية والاجتماعية والثقافية دوراً بتأجيج الحساسية بين السليمانية واربيل ، بسبب تقاطع طبيعة تركيبة البنية العشائرية والعائلية المحافظة، مع الفكر اليساري والعلماني المنفتح والصراع من اجل الوصول الى النفوذ والسلطة.
عملية التخلي عن كركوك من قبل اليكتي واعادتها لحضن المركز هي العقدة التي لن ينساها البارتي، وسيدونها في التاريخ لكونها سقطة وانتكاسة وخيانة كما وصفها الاخير ترتقي لمستوى نكسة ١٩٦٧ ،بل يفسرها بأنها طعنة في الظهر لا تقل اهميتها وخطورتها وبشاعتها عن مجزرة حلبجة والبرزانيين ، كما يراها فريق كبير من الشارع في كوردستان، معللين ذلك بانها قوضت المساعي الرامية لنيل الاستقلال الذي كانت قاب قوسين او ادنى من تقرير المصير ، بينما يجد فريق اخر منهم بأن صراع الفيلة لن ينتهي وعملية اقحام الشارع الكوردي في الصراعات السياسية خطأ استراتيجي يفقد الجماهير المؤمنة بفكر هذين الحزبين العريقين ،لان حرب الاخوة ستبقى مستمرة وان كانت حرب باردة تحت الرماد وفيها مناوشات كلامية بين الحين والاخر ، ادى الى تصدع جدران البيت الكوردي رغم مروره مر بفترة هدوء نسبي وتحالفات اضطرارية ذهبوا بها لبغداد من باب مجبراً اخاك لا بطر بين عامي ٢٠٠٣ وحتى عام ٢٠١٨ بأحسن الاحوال ، نزولاً لمقتضيات المصلحة القومية وللتخفيف من حدة التوترات بين المركز والاقليم نتيجة الصراعات السياسية التي تولد الازمات.
اسوء ما يمكن ان نراه بعد فترة طويلة من الاستقرار الامني والهدوء السياسي النسبي في كركوك ، هو محاولة ايجاد ثغرات او حجج وذرائع لغرض اللعب على الورقة الامنية والعنصرية والقومية من جميع الاطراف بغية تحقيق غايات ونوايا سياسية ، الهدف منها تمكين الدور الغائب لبعض الاطراف السياسية قبيل اجراء انتخابات مجالس المحافظات ، والتي ترى احقيتها في سياسة ملئ الفراغ من خلال بدعة الشراكة السياسية ، بعد ان تم سحب البساط من تحت اقدامها نتيجة عدم وجود قدرة فعلية على احتواء الشارع الكركوكي بين عام ٢٠٠٥ وعام ٢٠١٥ ، وخصوصاً فشل بعض الاحزاب الكوردية في عملية اعادة التوازن لمدينة يعتبرها الجميع مدينة للتأخي التي تجنع كل اطياف النسيج الاجتماعي . ان عدم الذهاب لحل المشاكل العالقة بين المركز والاقليم بصورة جادة ربما سيعقد من المشهد ويزيد من عمق الخلافات بين الطرفين، بل ان ترحيل الازمات هي اخطر التحديات التي ستذهب باتجاه اضعاف الدولة التي ينبغي اليوم ان تكون سيادتها حاكمة على الجميع دون استثناء ،سواء كان ذلك في بغداد او اربيل او البصرة او الانبار ، والجلوس لتصفير عداد الازمات هو مفصل يفرض هيبة الدولة ومكانتها بين شعوب دول المنطقة.
انتهى ..
خارج النص / العبث بأمن المواطن ومحاولة ضرب الدولة ينبغي ان يتم التعامل معه وفقاً للاحكام القضائية .